نايف القاضي :سحب الجنسيات تمت بناء على قرارات قمة عربية وبطلب من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لإبراز اله
اخبار البلد- رانيا تادرس من عمّان - انتقد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأردني السابق نايف القاضي محاولات الحدّ من صلاحيات الملك عبدالله الثاني، واعتبرها محاولة لتشويه النظام وتغييره، كما أكد في حوار مع إيلاف أن نوايا مصر غامضة، خاصة بعد تغييبها الأردن عن اتفاق المصالحة الفلسطينية.
واعتبر نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الأردني السابق نايف القاضي، أن الدستور الأردني ليس كتابًا مقدسًا، وإنما يمكن تعديله، بما يخدم المصلحة الوطنية الأردنية، ورفض القاضي بشدة "الاقتراب من صلاحيات الملك أو تقييدها، لأن المساس بها دعوة خطرة، هدفها تشويه النظام وتغييره وإحلال الوطن البديل".
ويقول القاضي ان "ما يبعث الطمائنية في نفوسنا هو أن اعضاء لجنة اعادة صياغة الدستور هم شخصيات مشهود لهم بخبرتهم ووطنيتهم وخدمتهم للنظام السياسي الملكي الاردني". لكنه انتقد تركيبة لجنة الحوار الوطني، معتبرًا أنه رغم تأسيسها في الوقت المناسب، لكنها لا تمثل كل المناطق الاردنية، وتم تعيين الاشخاص وفق قاعدة الاسترضاء للغير، وهو ما جعلها لا تمثل كل آراء المواطنين الاردنيين.
واكد ان "توصياتها لن تكن مقبولة، الا بعد اعادة صياغتها من الحكومة، وعرضها على مجلس النواب لاقرارها". متوقعًا ان تجري انتخابات نيابية مبكرة بعد إنجاز مهام اللجان، وقال: "وهذا واضح من رسائل الاستعجال التي يوجهها الملك عبدالله الثاني إلى الحكومة". لافتًا إلى ضرورة أن يكون قانون الانتخاب الجديد جامعًا ولا يفرّق الاردنيين.
وحول اتهامه بسحب الجنسيات من مواطنين اردنيين ذات اصول فلسطينية، اكد "لا املك لا انا ولا اي وزير صلاحية سحب الرقم الوطني من اي مواطن، ومثل هذه الصلاحية هي من اختصاص مجلس الوزراء"، مؤكدا ان "اي مسؤول اردني يؤيد التخفيف من اجراءات وتعليمات فكّ الارتباط، خصوصًا في هذه الفترة التي تشهد القضية الفلسيطنية تحولاً يعني التوطين والوطن البديل".
وحول السياسية المصرية ازاء الاردن، يقول "يبدو ان نوايا مصر للمرحلة المقبة لا تزال غامضة، واثارت شكوك عند استبعاد الاردن عن المصالحة الفلسطينية المفاجئة الأخيرة، لأن مسألة الحلّ تخصّ الأردن، ولن ينجح اي اتفاق بغياب الاردن".
بدوره، رحّب القاضي بموافقة مجلس التعاون الخليجي على عضوية الاردن فيه، ويعتبر الانضمام يومًا تاريخيًا للاردنيين، متوقعًا ان تخدم خطوة عضوية الاردن المصالح المشتركة لمواجهة التحديات الاقليمية التي تهدد دول الخليج.
وفي ما يلي نص الحوار:
مستجدات الشأن الاردني بعد خروج مسيرات ومظاهرات وحركات شبابية وقوى اجتماعية تطالب بالاصلاح فكانت النتيجة تشكيل لجنة الحوار الوطني والتعديلات الدستورية ماذا تقول كنائب رئيس وزارء ووزير داخلية سابق في ما ما حدث؟
نايف القاضي خلال حواره مع مراسلة إيلاف
من وجهة نظري الشخصية وانا خارج الحكومة حاليًا كمواطن اردني، فان تشكيل تلك اللجان جاء في الوقت المناسب. لكنها تزامنت بتحرك داخلي في الشارع الاردني، وتزامنت بما حصل في الاقليم العربي، اي انها تعمل في مرحلة تاريخية صعبة تمرّ على الاردن وتعصف بالمنطقة العربية.
طالبت القوى السياسية في الداخل الاردني باصلاحات، رغم ان عملية الاصلاح في الاردن تمت منذ وقت طويل، ورافقت قيام الدولة الاردنية، وحققنا إنجازات تجسدت في مؤسسات دستورية رغم محدودية الموارد.
بخصوص لجنة الحوار الوطني، اقول انها ضرورية وجاءت في الوقت المناسب وكافية في هذه المرحلة، وتمثل معظم وجهات النظر عند الاردنيين، لكنه شابها انها لم تضم شخصيات وممثلين عن كل فئات ومناطق المجتمع الاردني، كما إن تعيين بعض الاشخاص ضمن قاعدة الاسترضاء لغير المستحقين واستبعاد بعض المستحقين فعلاً بات بلا شك لا يمثل كل اراء المواطنين الاردنيين.
واقول توصيات هذه اللجنة لن تكون مقبولة كما هي الا بعد قيام الحكومة بإعادة قراءتها وصياغتها وتقديمها إلى مجلس النواب المكان الشرعي والدستوري لاقرار هذه التوصيات بالصغية النهائية، ونأمل ان تتمكن من اجتياز هذه المرحلة بحكمة واقتدار.
في ما يتعلق بالتعديلات الدستورية، ارجو التذكير بأن الدستور الاردني ليس كتابًا مقدسًا، وقد تم تعديله بعد عام 1952 اكثر من ثمانية وعشرين مرة، لكن النقطة المهمة التي لا يوافق الاردنيون او حتى مجرد البحث بها هي المتعلقة بمطالب بعض الجهات النظر في المواد المتعلقة بصلاحيات الملك وتقييد صلاحياته بما عرف (ملكية دستورية).
اقول إننا كأردنيين ننظر بحذر وترقب، خصوصًا في ظل التحول الذي تشهده القضية الفلسطينية، لاننا نعتقد جازمين أن الدعوة إلى تقييد صلاحيات الملك، وحتى وان قبل بها جلالته، وهي دعوة خطرة ومشبوهة الغاية، هدفها تغيير النظام واحلال نظام بديل، وهو امر يلتقي مع اهداف الذين يعملون من اجل جعل الاردن وطنًا بديلاً بنظامه وهياكله ومؤسساته يلتقي بالتمام والكمال مع اهداف اسرائيلية معروفة، لا تريد للفلسطنيين هوية او دولة، وتعلن أن الأردن وطنهم، وعليهم اقامة دولتهم على ارضه، بدلاً من من ارضهم في فلسطين.
نقول بكل اسف، فقد علت بعض الاصوات في السنوات الاخيرة، سواء في داخل الاردن او خارجه، تشجع ذلك، وتسعى اليه، وتطلب صراحة الغاء تعليمات فك الارتباط وتجنيس الفلسطنيين على حساب هويتهم وحقوقهم المشروعة وتصفية قضيتهم، وفي مقدمتها حق العودة والتعويض على حساب الاردن، وهذا مرفوض بتاتًا من كل الاردنيين من الاصول والمنابات كافة.
لكن نحن كأردنيين نثق بشخصيات لجنة صياغة الدستور، لانها نخب اردنية سياسية معروفة بوطنيتها وتاريخها في خدمة النظام.
بخصوص قانون الانتخاب التوافقي الذي تعمل على إعداده حاليًا لجنة الحوار الوطني ماذا تتوقع بشأنه؟
الوصول الى قانون انتخاب توافقى أمر محسوم، واعتقد ان هناك خلافًا بين الاردنيين حول مواصفات القانون المطلوب، فقانون الانتخاب يخضع دائمًا للاعتبارات والمواقف السياسية، حسب الظرف القائم سيكون من السهل تقديم مشروع قانون مقبول، شريطة المحافظة على الوحدة الوطنية وعدم السماح لبعض الفئات التي لا يهمها مصلحة الاردن التنظير بتفاصيل المشروع، وان يكون هدف اللجنة الوصول الى قانون يجمع لايفرق، ويمثل مصالح بعض الفئات او الجماعات التي نعرف تاريخها جيدًا.
وهل تتوقع اجراء انتخابات مبكرة؟
نعم اتوقع، والمظاهر تشير الى ذلك، لاسيما رسائل الاستعجال التي وجهها الملك عبدالله الثاني إلى الحكومة الانتهاء من اعمال اللجان في اسرع وقت ممكن، ومن ثم عرض توصياتها على مجلس النواب.
وهذا يؤكد ان المجلس، رغم انه في غير انعقاد، سيعود الى الانعقاد في دورة استثنائية ليركز اعضاؤه عملهم خلال الفترة القصيرة المقبلة على اقرار توصيات، حيث من المتوقع ان يكون هناك توجه شامل في التغيير.
شاركت في وضع قانون انتخاب اجريت عليه انتخابات 2010 في عهدك، فتم توجيه انتقادات الى قانون الصوت الواحد والدوائر الوهمية، حيث عززت الانقسام والخلافات، وخرج مجلس نيابي ضعيف وحدث تزوير، فماذا تعلق؟
قانون الصوت الواحد لايحتاج أن يدافع أحد عنه، ولم يكن تجربة اردنية منفصلة عن تجارب دول كبيره وصغيرة في العالم من حولنا، واقول إن قانون الصوت الواحد لم يكن موضع خلاف كبيرًا في اوساط الشعب الاردن قبل الانتخابات. لكن اؤكد ان قانون الانتخاب 2010 تمت صياغته بأعلى درجات المسؤولية والحرص على المصلحة الوطنية.
وعند وضع القانون الانتخابي في العام الماضي اخذنا آراء الاردنيين جمعيهم، بما فيهم الاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وفئات وطبقات الناس المختلفة.
لكننا لا ننكر وجود معارضة دائمة من قبل بعض الجهات، واقصد الاسلاميين، التي رات في الصوت الواحد تهديدًا لمصالحها الضيقة وارتباطاتها المشبوهة، وكثير منهم خاض الانتخابات الماضية والتي قبلها على اساس الصوت الواحد، ولكنهم فجأة بعدما وصلت إليهم الاشارة بالمقاطعة قاطعوا من دون سبب مبرر.
ودليل معارضة جماعة الاخوان المسلمين غير مبررة بعدم قبولهم الدخول في لجنة الحوار لاسباب غير مفهومة، وليس لديهم جواب مقنع عن اسباب مقاطعة الانتخابات او المشاركة في لجان الحوار.
واعود للقول إن انتخابات 2010 اجريت، وشارك 54% من ابناء الشعب الاردني فيها، وسمعنا اتهامات من هنا وهناك، فان النتائج اعلنت، وكانت هناك مشاركة قضاة ومراقبين من الداخل والخارج لمراقبة مجريات الانتخابات.
اقول إن قانون الصوت الواحد افرز مجلسًا نيابيًا وطنيًا لا يستطيع الا الحاقدون والمتربصون بهذا الوطن توجيه الاتهامات الباطلة له وللجهات الرسمية التي اشرفت على العملية الانتخابية.
واقول ان المجلس النيابي الحالي من افضل المجالس التي مرت على المملكة، ومن يتهم هذا المجلس بالضعف لم يستمع الى آراء هذا المجلس ونشاطه والموضوعات التي اثارها والقوانين التي اقرها، اتهامات التزوير جاءت من جهات نعرفها تمامًا، منهم مرشحون لم يحالفهم الحظ في الفوز. واتهامات التزوير هدفها تدمير صفحة مشرقة من صفحات البلد، وكل الجهات ذات العلاقة التي اشرفت على الانتخابات.
سحب الجنسيات ملف أثار جدلاً، وتم توجيه اتهامات لك بخصوصه، وانت وزير للداخلية لدرجة أنه اطلق عليك "ليكود شرق اردني" بسحب الارقام الوطنية هل لك أن توضح هذا، وهل ترى مبالغة ومحاولة اغتيال لك في هذا الملف وسر التكتم من الداخلية واعتبار هذا الموضوع من التابوهات وتشكيل لجنة تصويب اوضاع حاليا؟
لا املك لا انا ولا اي وزير صلاحية سحب الرقم الوطني من اي مواطن، ومثل هذه الصلاحية هي من اختصاص مجلس الوزراء.
اما موضوع تصويب اوضاع بعض الاشقاء من ابناء الضفة الغربية الذين انطبقت عليهم تعليمات فك الارتباط، فهذه التعليمات صدرت بناء على قرارات قمة عربية وبطلب من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني لابراز الهوية الفلسطينية وتأكيد حقوق الفلسطنيين وتثبيتهم على ارضهم وتمكنيهم من اقامة دولتهم المستلقة على ترابهم الوطني وعاصمتها القدس.
اؤكد ان الحكومة الاردنية تعتبر اي مواطن اردني من اصل فلسطيني مقيم في المملكة او خارجها اردنيًا له كل الحقوق وعليه كل الواجبات.
وكنت وزيرًا للداخلية منذ عام 1998 وحتي عام 2000 في المرة الاولى وتعاملت مع الموضوع كغيري ممن تسلم حقبية الداخلية من الوزراء الاردنيين.
لكن اقول ان الحرص على تطبيق التعليمات كان تأكيدًا لموقف الاردن الداعم للاشقاء الفلسطينيين وبالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية في ذلك الوقت، واستبدال البطاقات من صفراء الى خضراء تكريسًا للهوية الفلسطينية وتاكيدًا لمواقف الاردن المشهودة في دعم الحقوق الفلسطينية.
وعند عودتي وزيرًا 2009 للداخلية وحتى نهاية 2010 فقد واجهت منذ الاسابيع الاولى هجومًا منظمًا من بعض الجهات إعلاميًا وصالونات سياسية ومواقع داخلية وخارجية وكان اتهامي بأنني اقوم بسحب وثائق الجنسية الاردنية من بعض الاردنيين من اصول فلسطينية واتهامي مباشرة بالعنصرية ونعم بالليكودية الاردنية.
هذه الاوصاف جاءت من جهات مدعومة من مراكز قوى داخلية وخارجية تقف خلفها جهات لا تريد للأردن والاردنيين البقاء والاستمرار، ولاتريد للفلسطينيين الإبقاء على هويتهم وتثبيتهم في ارضهم وحقهم التاريخي في فلسطين.
واعلم ان تلك الفئات التي حاولت تشويه صورتي امام الاردنيين يعرفون الحقيقة من الفها الى يائها، وانا لم اتردد يوما عن اداء واجبي تجاه وطني ولمصلحته اولاً واخرًا.
واخيرًا اقول للجميع إن المعلومات والارقام موجودة في وزارة الداخلية، وتشهد الفترة التي توليت فيها مسؤولية الداخلية ان الارقام التي تم تصويبها كانت متواضعة جدًا، ولا تقارن بالفترات السابقة. واشدد على مسألة ان تجميد او الغاء قرارات فك الارتباط هدفها التسهيل على الفلسطينين التخلي عن جنسيتهم وارضهم، خصوصًا اهل القدس.
واثارة هذه الضجة اعتقد انه يخدم المخطط الاسرائيلي من اجل منع الفلسطينين، اينما كانوا، من العودة الى بيوتهم والى اراضيهم في الضفة الغربية. وانا ألوم اي مسؤول اردني يؤيد التخفيف من اجراءات وتعليمات فك الارتباط، خصوصًا في هذه الفترة، التي تشهد فيها القضية الفلسيطنية تحولاً وتصفية على حساب الاردن.
مكافحة الفساد في الاردن ماذا تقول عنها في ظل ظروف اقتصادية صعبة وحرجة جدا؟
قناعتي الشخصية انه لا يوجد اردني على الارض الاردنية ضد الاصلاح السياسي او الاقتصادي والاجتماعي والاداري وجميع الاردنيين ضد الواقع الحالي المتمثل في ظاهرة الفساد.
لكن لانستيطع اتهام كل الناس وتجريد الاردنيين من امانتهم وانتمائهم واخلاصهم للوطن، لكن نقول بصوت مرتفع ان هناك اشخاصًا وجهات أساءوا الامانة وقضاياهم موجودة في المحاكم ولدى هئية الفساد، ونأمل ان لا يفلتوا من العقاب. كما إن تدمير الاقتصاد الاردني وما يعانيه الاردنيون حاليًا من فقر وبطالة وغلاء هو سياسات وشخصنة هولاء المسؤولين الذين استلموا الملفات الاقتصادية خلال السنوات العشر الماضية.
قلت "ارجو ان لايفلت الفاسدون من العقاب" فماذا عن اخراج المتهم الأبرز خالد شاهين في قضية المصفاة والمحكوم عليه، الى جانب تورطه بقضايا فساد اخرى مدار تحقيق، ورغم ذلك تم الافراج عنه، وسافر الى لندن. لوكنت وزير الداخلية في هذا الظرف وهذا الملف امامك لتوقيع القرار لكونه اختصاص وزير الداخلية كيف تتصرف، وما هو موقفك اذا طلب منك؟
الحكومة الحالية او الحكومات السابقة هي صاحبة الولاية على الاطلاق في المملكة، وهي تتحمل المسؤولية كاملة، وهذا الامر يحتم على اي حكومة تم تحت مظلتها فعل مثل هذا النوع ان تعلن مسؤوليتها عنه.
وانا شخصيا اتابع تصريحات رئيس الوزراء في هذا الخصوص لان حكومته تتحمل المسؤولية ويجري التحقيق بالاسباب ومعاقبة من اخطا في هذه الحكومة وها نحن نتتظر.
وموقفي انا شخصيا ازاء هكذا قرار انني التزم بتطبيق القانون والنظام والتعليمات، ولو كان على نفسي، ولا استطيع ان اتخيل نفسي في هذا الموقع حاليًا، لانني لست فيه، ولا اعرف ظروف الحكومة في هذه المرحلة، ولا اعرف خلفية هذا الموضوع بالنسبة إلى الوزير المختص.
انتقالاً الى محور الشأن العربي بصفتك دبلوماسيًا لسنوات طويلة ماذا يعني سقوط النظام المصري وتاثيره السياسي والاقتصادي على الاردن؟
لم يكن التغيير الذي حصل في مصر مفاجئًا لنا في الاردن، بل كان متوقعًا، ولكنه جاء سريعًا وسلميًا، وكان نتيجة الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرت بها مصر، والضغوطات السياسية الهائلة التي واجهتها من الداخل والخارج، وساعد في انجاح حملة التغيير الشامل في مصر وجود وعي شعبي واسع بضرورة التغيير للقضاء على مظاهر الفساد والظلم الذي حلّ بالمصريين وشعورهم بالغبن وعدم المساواة.
ولا نستيطع في الاردن انكار تأثيرات ما حصل في مصر على الاردن والعالم العربي والاسلامي، لكن ما ننتظره هو حصول مصر على فترة من الاستقرار لتأهليها للعودة إلى لعب دورها عربيًا.
ولا شك في أننا نتأثر بالأردن سلبيًا في مجالات التعاون مع مصر السياسية والاقتصادية، لكننا نأمل بالمزيد من تطور العلاقات الاردنية المصرية في المرحلة المقبلة، خاصة في ملف حل القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين وتمكنيهم من اقامة دولتهم المستلقة على حدود 1967 وعاصمتها القدس العربية.
وارى ان الغموض لا يزال عنوان الموقف في مصر هذه الايام، ومن الصعب استباق ما سوف يحصل في المستقبل، لقد تحركنا باتجاه مصر باسرع مما فعلت تجاهنا، ونحن بانتظار التحركات المصرية بخصوص القضية الفلسطينية، ولكن ما اثار الشكوك حول نوايا السياسية المصرية للمرحلة المقبلة هو تغيبّ الأردن عن مشهد المصالحة الفلسطينية المفاجئة التي تمت بسرعة، وتحركت القيادات من كل حدب وصوب بصورة جاهزة ومتفق عليها.
ونقول إن اي تسوية او حل لن يتحقق له النجاح باستعباد الجانب الاردني في مسالة الحل، واي نتيجة قد تحصل مصر عليها او منظمة التحرير من الجانب الاسرائيلي في موضوع اللاجئين لن تقبل خصوصًا ان الاردن يمثل الغالبية من اللاجئين كمواطنين اردنيين.
ويجتاح الاردنيين الشعور بالاسف ونتيجة التحركات واللقاءات التي تتم حاليًا بالاطراف المعنية بالقضية من دون وجود ممثل اردني مثل هذه الاجتماعات، مما يعني تصفية القضية على حساب الاردن.
في ما خص ثورة الشعب السوري هل تتوقع سقوط النظام وغياب البعث عن ساحة الحكم في سوريا وتأثير الوضع السوري على الاردن من حيث ترسيم الحدود وامكانية نزوح عائلات سورية ولاجئين على غرار ما حدث مع العراقيين؟
لا يمكن التكهن بنتائج الاحداث التي تجرى على الساحة السورية في الوقت الحاضر، غير ان التغيير في سوريا او غيرها هو طبيعة الحياة وتطور المجتمعات، والنظام هو تعبير سياسي عن مرحلة تاريخية تمر بها الدول كأداة صالحة للحكم في تلك المرحلة.
ما تمر به سوريا اليوم هو تطور منتظر من قبل الشعب السوري، الذي ناضل على الدوام من اجل الحرية والاستقلال والوحدة العربية، وسواء نجحت محاولات التغيير القائمة في الاطاحة بالنظام او اصلاحه أم لا، فان الارادة السورية من اجل التغيير موجودة، ولا بد لها ان تنتصر، وهناك شعور بالظلم والغبن يشعر به السوريون، وقد باشروا الخروج من القمقم.
الحقيقة ان حزب البعث الاشتراكي بمفهومه الاصيل قد انتهى، وبعد سقوط نظام صدام حسين كان سقوط البعث حتميًا واعتقد انه سقط عمليًا، وبات من مصلحة النظام الحالي في دمشق التجاوب السريع مع مطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والتغيير وعدم تجاهل التغيير الواسع في مواقف المجتمع الدولى تجاه الانظمة الشمولية والقديمة وضرورة تحقيق الاصلاح والتغيير الديمقراطي والتجاوب مع المطالب الشرعية والعصرية للشعوب.
اما من حيث التأثير على الاردن فأمر طبيعي ان يتاثر الاردن نظرًا إلى التلاحم القائم بين الشعبين والعلاقات الواسعة وصلة الرحم ووحدة العائلات والعشائر في البلدين الشقيقين. صحيح ان العلاقات السياسية لم تكن في مستوى المطلوب لكنها كانت علاقات مستقرة وهادئة.
بصراحة لو نجحت محاولات التغيير في سوريا سيكون من الصعب التنبؤ بعودة الامور الى طبيعتها، في المقابل نشهد ايضًا التغييرات السلمية على الجانب الاردني، وربما سيكون هناك انتظار ورغبة في التعاون والتنسيق بين الشعبين والبلدين في المستقبل، لكن على اسس جديدة.
اما الموضوعات العالقة بين البلدين، مثل ترسيم الحدود والمياه، فلم يكن لدينا مشكلة في الوصول الى حلول لها، لكن شاهدنا على الدوام تباطؤًا في حلها، والتوصل الى اتفاقيات بشأنها من قبل الاخوان في سوريا، وتقديم حجج واهية للتملص من الوصول الى نتائج، رغم اننا قدمنا كل التسهيلات للوصول الى اتفاق دون جدوى.
وبخصوص لجوء بعض العائلات السورية في اعقاب احداث درعا، فهناك مبالغة في التوقعات، لكن نأمل بعدم لجوء احد الى اراضي المملكة، ويكفينا ما عندنا من اللاجئين، سواء من فلسطين او العراق، واحتضاننا لهم، رغم شحّ مواردنا وقلة المياه التي نوفرها لهم ولمواطنينا.
بماذا تعلق على قبول انضمام الاردن إلى دول التعاون الخليجي التي تمتاز انظمتها السياسية بأنها ملكية او اميرية كيف تقرأ اهمية هذه الخطوة امنيًا وسياسيا واقتصاديا؟
للأردن دور حيوي في التعاون والتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي، هدا الحديث ليس جديدًا، بل نشأ منذ استقلال دول الخليج، حيث ساهم الاردن بكل مؤسساته العكسرية والمدنية في تنمية وتطوير الدول الخليجية.
لذلك سعى الاردن الى تقديم المساعدات الممكنة من حيث الادارة والتدريب لهذه الدول، وساهم في خدمة امن الخليج. ونتذكر دائمًا الدعم ومساعدات الدول الخليجية للاردن.
لكن وفي ظل الظروف الصعبة التي تمر بها منطقة الخليج والمنطقة العربية فقد جاء خبر قبول دخول عضوية الاردن الى مجلس التعاون الخليجي من الاخبار القليلة المفرحة التي سمعها الشارع الاردني، وبات ضروريًا الاستعجال عبر اجراء الاتصالات لاستكمال متطلبات للسير قدمًا نحو اجراءات العضوية.
اليوم الذي ينضم فيه الاردن الى مجلس التعاون الخليجي هو يوم تاريخي في تاريخ المنطقة، وفي تاريخ العلاقات العربية. بدوره سيساهم الاردن بامكانياته المعروفة في نهضة وتقوية المجلس، وتمكينه من مواجهة التحديات الاقليمية والعالمية، التي تهدد دول الخليج، سواء من الجيران إقليميا او غيرها، ومن المؤكد ان الدور الاردني يركز على الجوانب الامنية وغيرها من المجالات. والتعاون سيكون مشتركًا، ويحظى الاردن بدعم اقتصادي. (ايلاف).
اجرى الحوار الزميلة رانيا تادرس.