المرأة في معان تأخذ دورها في الحراك الانتخابي

لانا كريشان-

مع قرب حلول الموسم الانتخابي للبرلمان الثامن عشر شهدت مدينة معان حراكا انتخابيا نسويا استثنائيا شمل ارتفاع عدد الراغبات في الترشح والمشاركة السياسية والتطلع للمشاركة في صنع القرار ، ونشاطا ملحوظا للجان والمنظمات النسوية الراعية للمرأة والموجه نحو تحفيز المرأة وتعزيز مشارتها ومساندتها إعلاميا وتنظيميا لتحقيق أهدافها المنشودة.
وإذا ما عدنا إلى الوراء بسنوات لوجدنا أن نسبة مشاركة المرأة السياسية والمدنية في مدينة معان كانت محدودة للغاية بل ومعدومة في أحايين أخرى، تصل إلى حد الجمود، وذلك نتيجة عوامل اجتماعية وثقافية وسياسية تراكمية من أبرزها؛ ثقافة المجتمع الذكورية، والبنى العشائرية ذات المرجعية الأحادية، وندرة الخبرات والقيادات النسائية في المجالين المدني والسياسي، وضمور دور مؤسسات المجتمع المدني واقتصارها على النشاطات الموجهة لفئات الشباب دون النساء، وانخفاض مستوى ثقة المرأة بنفسها وبقدراتها وعطائها ومحدودية البرامج الموجهة لها في فترات سابقة وعدم اهتمام الجهات المعنية في تفعيل طاقات الفئات النسائية وتمكينهن بالمستوى المطلوب ضمن الإطار الاجتماعي والاقتصادي ، لتشكيل حراك نسوي قادر على استيعاب الطاقات والجهود وتوجيهها لخدمة المجتمعات المحلية مستفيدة من التشريعات والقوانين الناظمة والتي اتاحت الفرصة لتكون المرأة في مواقع صنع القرار إلى جانب غياب المهارات والقيادات النسائية وإحجامها عن خلق مبادرات استثنائية من شأنها أن تحقق نقلات نوعية في واقع المرأة بمختلف جوانبه.
وإذا ما تتبعنا الحالة الراهنة لأدركنا مستوى التغيير الذي طال المجتمع المحلي في مدينة معان عقب المبادرات الملكية السامية الرامية لتحسين واقع المرأة والنهوض بها في شتى المجالات وتعزيز دورها وتمكينها من تحقيق ذاتها وحريتها وبناء مهاراتها لتأخذ دورها الحقيقي في بناء المجتمع وتحقيق التنمية، ففي المشهد الانتخابي الحالي تقدمت العديد من القيادات النسائية الناشئة والمتحمسة لخوض غمار التجربة متسلحة بالثقافة والمعرفة والمهارات المتخصصة، وفي سياق الظروف التي مهدت لذلك؛ وأكدن رغبتهن في الترشح للبرلمان الثامن عشر وبنسبة متقدمة جدا مقارنة مع الدورات السابقة ، إذ تساوى عدد الراغبات للترشح في مدينة معان لدائرة محافظة معان بعدد الراغبين للترشح من فئات الذكور ، كما ارتفعت نسبة الراغبات في الترشح في لواء القصبة مقارنة مع باقي مناطق محافظة معان والبادية ما يؤشر إلى ولوج المرأة في معان إلى مرحلة متقدمة في القيادة الاجتماعية والسياسية.
لقد شكلت حراك المرأة الانتخابي في معان حالة تقدمية من حيث مستوى المشاركة وطرح البرامج الانتخابية ومناقشتها في المنتديات الخاصة واللقاءات الاجتماعية، وعدد الفعاليات المسبقة التي نفذتها وصممتها وشاركت بها المرأة، إلى جانب نشاط ملحوظ للراغبات في الترشح للبحث عن تحالفات داخل نطاق الدائرة الانتخابية، وتنفيذ جولات دائبة لحشد التأييد وبناء شبكات نسوية مؤهلة لتنفيذ الحملات الاعلامية وبناء الحوارات السياسية والبرامجية الفاعلة.
ومن الجدير بالذكر أن نتطرق إلى أبرز العوامل والظروف الموضوعية التي حفزت المرأة في معان للدخول في عالم المشاركة السياسية وإجراء محاولات جدية لتبني رؤى مستقبلية لتطوير التشريعات التي ستحقق للمرأة مزيدا من الامتيازات والحقوق والتطلعات على الصعيدين المحلي والوطني، ومن تلك العوامل؛ البرامج والمشاريع المكثفة والمبادرات الرائدة التي أطلقتها عدد من القيادات النسائية في معان ضمن أطار المنظمات النسوية المتخصصة بتمكين المرأة سياسيا ومدنيا واقتصاديا وبالتعاون مع الجهات الدولية والحكومية، وتوسيع نطاق عمل تلك المنظمات وتطوير سياساتها وأدواتها الإعلامية والتنظيمية واستهدافها لأكبر عدد من الشرائح النسائية بمختلف مستوياتها الاجتماعية والوصول إليها واستقطابها ضمن مشاريع ومبادرات وبرامج ذات طبيعة مستدامة، ما نتج عنه زيادة الوعي لدى الفئات النسائية في معان بضرورة المشاركة السياسية والسعي لمواقع صنع القرار وبناء الاستقلالية والثقة وتعزيز قدرات المرأة في مختلف المواقع.
إن المشهد الانتخابي الحالي في معان يؤشر إلى توجهات وحراكات بمستوى جيد نحو تبني قضايا المرأة من خلال قيادات نسائية واعدة ذات برامج منطقية مرتكزة إلى قواعد اجتماعية وتنظيمية خارج نطاق البنى الاجتماعية التقليدية، والتي من المتوقع أن تحقق نتائج واعدة بسبب حماس المرأة للمرأة وإيمانها بضرورة تمثيلها سياسيا وتحقيق مطالبها وتطلعاتها ومساعدتها في تحسين مستواها المعيشي وتحقيق طموحاتها وصولا إلى مجتمع متكامل ومنسجم تأخذ كل فئة فيه دورها الحقيقي في التنمية والبناء.