نحو سياسة خارجية أردنية أكثر فاعلية

 

نحو سياسة خارجية أردنية أكثر فاعلية

تحدثت في مقال سابق عن ضعف في سياسة الأردن الخارجية وهو أمر لا نستطيع إنكاره ولكن يجب الحكم على أن هذا الضعف ناجم بشكل أساسي عن ضعف في الطاقم الســياســي والدبلوماسي المكلف بعملية إدارة الملفات السياسية الخارجية وبمعنى أدق وزراء الخارجية بشكل عام والمستشارون والسفراء الدبلوماسيين الذين يرون لهذه اللحظة أن المنصب الدبلوماسي هو " فخفخة اجتماعية " لا أكثر  ولا أقل الهدف منــه فقط زيادة الراتب التقاعدي والحصول على امتيازات وظيفية وحب الظهور الشخصي.

      فأصبح واجب السفراء شكلي إداري أكثر منه سياسي ؛ حيث توجهت جهودهم نحو  تسيــير أعمال السفارة وإطلاق التصريحات الإعلامية في الاحتفالات الوطنية  والأزمات والكوارث ، ولم يعد الواجب الوطني سوى الهم الأخير لهم وهو مــــا يجعلني أذهب إلـــى الدعوة لإعادة تقيـــيم أداء السفراء، فما الذي قدمـــوه للوطن ؟ وما هي إنجازاتهم على الصعيد السياسي لتوطيد العلاقات بين الأردن والبلدان الموفدين إليها؟  وهل طرحوا الرؤية الأردنية لملفات المـــنطقة؟ هل كانوا موفقين في تقريب وجهات النظر ؟ وأخص بالذكر السفراء الأردنيين في سوريا ولبنان والعراق ومصر والسعودية وإيران، لماذا لا يكونوا خير ممثلين للسياسة الأردنية يوضحون رؤيتنا تجاه القضايا الإقليمية بعيداً عن " طعطعة الإعلام" المشبوه الذي طالما طعن في الدور الأردني ووسمه بالخائن والعميل في خضم ضعف الإعلام الرسمي.

والتحرك الدبلوماسي الفاعــــل الذي  يمارسه عميد الدبلوماسية الأردنية جلالة الملك عبدالله الثاني كان وما زال فاعلاً ومؤثراً ، إلا أنه يحتاج لمتابعة وتنسيق هؤلاء السفراء ؛ فاليد الواحدة لا تصفق، لماذا نلقي كل شيء على كاهل الملك ونبقى نمارس مهمتنا كموظف حكومي محدد  الصلاحيات ؟ لماذا لا توجد عندنا روح المبادرة  وفن التفكير الخلاق ؟

..... فالأصل أن تكون روح المبادرة والتفكير موجودة لدى سفرائنا  في فرض رؤية أردنية ؛ فلا ننساق  وراء مواقف وآراء سياسية لدول قد تتعارض مع مصالحنا وتوجهاتنا أو قد تتسبب في تعتيم صورة الأردن لدى الرأي العام ؛ بسبب الضعف في التفكير والمحدودية في طرح الآراء، أو حتى محاولة الانتظار إذا كانت هناك أية توجيهات سواء من وزير الخارجية أم من رئيس الوزراء، وخير دليل على ذلك اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي تم في مصر التي تعيش تحت حمى الثورة ، وكنا نحن كأية دولة عربية أخرى وليس الأردن ذلك الداعم للقضية الفلسطينية، وأنا هنا ألقي اللوم على السفراء الأردنيين في السلطة الوطنية وسوريا ومصر لضعف التنسيق بينهم، وعدم محاولتهم  عقد المصالحة في عمان.

ثم لماذا لا يبادر معالي وزير الخارجية بعقد مؤتمر صحفي؟ يؤيد فيه الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي ويبين الفوائد التي سيجنيها الأردن اقتصادياً وسياسياً  ويقطع دابر المغرضين الذين ستؤثر عملية الانضمام على مصالحهم وينهي حالة التكهنات والتحليلات التي تهدف إلى إقناع الرأي العام الخليجي والأردني بمخاوف الانضمام أكثر من فوائده. ولماذا لا يذهب معاليه إلى دول الخليج العربي ويتعرف على ماهية الشروط التي  يجب علينا فعلها لاستكمال عملية الانضمام ؛ لإثبات مدى جدية المملكة في عملية الانخراط بالعمل الخليجي المشترك .

 أقول في نهاية المقال أنه يجب علينا التحرك بسرعة وبشكل دائم في أية  قضية كانت سياسية أو اقتصادية ، فسياسة الجلوس والانتظار أو التحرك البطيء لم تعد تجدي نفعاً في زمن السرعة .