نكبة ام نكبات تطرق بابنا

 

اليوم الخامس عشر من أيار وأي مواطن عربي لا يقف عند هذا المنعطف في تاريخ الأمة العربية والعالم، أي جيل من أجيالنا لم يدفع ثمن هذا الحدث الذي لم يأت من فراغ،

ولم يوجد ليكون إعلان تأسيس كيان عنصري فقط بل جاء الإعلان عن ولادة هذا الكيان الهجين لينهي مرحلة أولى من مراحل الاستعمار الغربي المباشر لأوطاننا وليسلم المهمة إلى من يتابعها وبوسائل مختلفة متجددة...‏

إسرائيل الكيان المدجج بكل ألوان وأنواع السلاح، الكيان العنصري المغروس في قلب الوطن العربي تتجلى مهامه الجديدة كل يوم وكل ساعة، في الخامس عشر من أيار نقف على تخوم الحدث وهو يملأ ويلون كل شيء حولنا، فمن منا لم يقدم شهيداً لأرض فلسطين؟‏

الحدث بما صنعه من قبل وما أسس له من بعد غيّر مصير المنطقة كلها ، فالحروب التي شنتها إسرائيل على الدول العربية وتهديدها الدائم بالعدوان المستمر جعل الأمة ومواردها منذورة لمواجهة عدوانيتها وتفكيك مؤامراتها، وما نكاد نخرج من حلقة مؤامراتية حتى ندخل إلى أخرى يعدون وسائلها وأدواتها في كواليس مؤامراتهم المنتشرة في معظم دول الغرب والولايات المتحدة الأميركية.‏

اليوم ونحن غداة الذكرى كيف لنا ألا نرى ما حاكوه لحمله  القضية المركزية، الاردن  قلب العروبة ومحورها، اليوم غداة النكبة يريدون لها أن تدفع الثمن ويصفى الحساب معها، من الماء إلى الماء ، الآن ترفع قضايا وشعارات لا علاقة لها بالقضية المركزية قضية فلسطين

 الاردن الذي مد يد العون والدعم إلى العرب كل العرب اين كانوا ايمانا منه باهداف اثورة العربية الكبرةى وانهجزء من هذه الامه وتلك الارض  ومع مرارة الذكرى وألمها وما تحمله من دلالات وتداعيات نجد أنفسنا أمام مشاهد جديده ، ، ونحن على تخوم هذا المشهد نثق أن الشعب الاردني  الذي قدم كل هذه التضحيات  قادر على تجاوز المحن، ووضع غد جديد ،

انه ذكرى النكبة  والنكبةهذا العام.. تحاكي وضعاً عربياً يرمي بمتغيراته دفعة واحدة.. ويرخي ظلالاً بعيدة من الهم المتنقل.. لكنه لم ينسَ جروحها.. ندوباتها.. أوجاع شعب على مدى ستين عاماً ونيف يحمل قضيته ولم تؤثر فيه أبواق التخمة السياسية.. ولا تلافيف المؤامرات المتواصلة ولا الذين خرجوا من عباءته.‏

يستطيع الفعل العربي بوجدانه الشعبي أن يقف على حدود الحافة الفاصلة.. أن يعيد تأريخ اللحظة.. لأن السنوات والمحن والصعاب لم تفلح في تعديل وجهته.. ولافي نسف أولوياته رغم محاولات التحوير فيها والتهميش.‏

 

ثلاث وستون مرة والنكبة تطرق بابنا.. لم تكل يوماً.. لم تتراجع.. لم تخرج من ذاكرتنا.. لم تغادر وجدان شعب مشتت مُهجّر تتقاذفه أمواج النيات المؤجلة.. مثلما ترمي به أصحاب الخبايا المعلنة.

الحرب ضد النكبة لم تعد إجراءً احترازياً تلجأ إليه إسرائيل لتمرير أيام احيائها.. إنما تجرّمه وتمتد في عمق الاجراءات «الاحترازية» في محاولة اقتلاع النكبة والتعمية على وجودها.‏

ويستطيع الفعل العربي أيضاً أن يسجل لحظة اعتراض على كل ماجرى.. وعلى كل ماتم تداوله في العقود الماضية، خصوصاً أن محاولة المحو من الذاكرة تتداخل في تفاصيلها.. وتمتد إلى القاع لتنبش فيه وتعيد رسمها دون تلك التفاصيل.‏

على هذه القاعدة.. احياء النكبة اليوم سيكون مختلفاً.. سيسجل نقاطه المنسية وتلك التي حاولوا أن يمحوا وجودها.. واحياؤها أيضاً يحتاج إلى صوت مختلف.. إلى تعابير مختلفة وإلى أدوات مختلفة.‏

أمر لا أحد يجهله.. وأكثر من يدركه هم الفلسطينيون.. أصحاب القضية.. حين يجاهرون أن القضية أبعد من صراع على أمتار من أرض هنا أو هناك.. وقطع للاستيطان في هذه المنطقة أو تلك.‏

الخريطة العربية المحملة بهمومها.. والمثقلة بمتاعبها.. حبلى بمفاجآتها.. وقد بدأت سكاكين الجزارين والمتربصين تمتد هنا.. وتحاول أن تقتطع هناك.. وجرحها النازف في فلسطين.. يوغل في نزفه على مرأى ومسمع منهم..‏

خريطة باتت علىالطاولة تعدل من احداثياتها ومن خطوط الطول والعرض فيها.. منذرة بأكثر من نكبة وفي كل منها محاولة لطي ماسبقها من نكبات.‏

الحذر لم يعد يكفي، والاتكاء على وعود الساسة لم يعد يجدي.. ثمة حاجة لمبادرة تنقل الهم الفلسطيني من غرف المتفاوضين وحقائب السياسيين إلى الأرض التي تبقى هي القضية وهي الأقدر على الالمام بتفاصيلها.. بمعنى حبات ترابها.. وبالحقوق التي تجسدها.‏

الإحياء الشعبي للنكبة ينبئ اليوم بنذر غيوم تتشكل.. يراد لها أن تمطر بعضاً من غضب على ما مضى.. لكنها تحتاج إلى نيات جادة تقودها باتجاه ماهو قادم.. ومايجب أن يكون وكيف له أن يكون..‏

لا أحد يجادل أو يشكك في الدور الذي يجسده هذا الاحياء.. وربما كان بديلاً منطقياً لفشل استمر لعقود.. وعجز طاول القضية منذ نشأتها الأولى .. وهو الخيار الأكثر مصداقية والأكثر اقناعاً.‏

مافعله حتى الآن أنه يعيد القضية إلى شعبيتها.. إلى زخمها التائه.. إلى وجدان الشعب العربي كقضية مركزية لابد أن تنهض من ركامها.. أن تقوى على جراحها أن تستلم زمام المبادرة.. وحينها ستفقد أوراق المؤامرة المندسة بيننا صلاحيتها.. وتستعيد الجماهير العربية ورقتها التي أضاعتها منذ زمن بعيد..‏

فهل عودة احيائها شعبياً برمزيته توطئة لما هو منتظر.. وهل تكون من هنا بداية لما هو آتٍ؟

pressziad@yahoo.com