هيئات المجتمع المدني: والسم الذي في الدسم !

كان محور منظمات المجتمع المدني أحد المحاور الرئيسية في منتدى أصيلة الأخير في المغرب، وحقيقة إن المتحاورين بالنسبه لهذا الموضوع قد خاضوا غمار مواجهة ساخنة بين مدافع ومهاجم، وبخاصة بالنسبة للهيئات المرتبطة بـ»الخارج» والتي ترفض الالتزام بالقوانين النافذة المعمول بها في دولها، والتي تتلقى أموالا أجنبية لا تقبل بالإفصاح عن كيفية صرفها ولا تسمح للجهات المعنية، حكومية وغير حكومية، بالإطلاع على من أنفقت هذه الأموال، وهل ذهبت إلى جيوب المستحقين والمحتاجين أم الى ارصدة أصحاب هذه التنظيمات الذين غدوا يملكون السيارات الفارهة والدارات الجميلة.


إنه لا شك في أن هناك تنظيمات مجتمع مدني تقوم بواحبها في مجتمعاتها المدنية وتحقق إنجازات فعلية وحقيقية لا يمكن إنكارها والتقليل من شأنها وبخاصة في مناطق الريف وفي مجالات رعاية المحتاجين من الأطفال وممن هم في سن الشيخوخة، وأيضا من المعاقين والذين يعانون من أمراض مزمنة خطيرة وهكذا فإن المشكلة لا تكمن في هذه الحالات، وإنما في أنّ بعض ما يسمى هيئات المجتمع المدني، قد تحولت الى وسائل للإرتزاق وللغنى الفاحش غير المشروع، في حين أن بعضها الآخر قد أصبح بمثابة أحزاب سياسية تعمل وفقا لتوجيهات جهات ودول خارجية وأجنبية ولإغراض غير مشروعة ولتحريض ابناء الوطن الواحد على بعضهم البعض الآخر، وزرع الفتن الطائفية والمذهبية كما يحصل الان في بعض الدول العربية.

والأخطر أن بعض الهيئات لا تتورع عن إعلان أن هدفها هو إنتزاع الكثير من الصلاحيات الدستورية لحكومات بعض الدول، وأنها تسعى لإضعاف هيبة هذه الدول، وهذا في حقيقة الأمر قد حصل قبل الربيع العربي وبعده في العديد من الدول العربية، وبخاصة في مصر قبل ان تستعيد الدولة المصرية هيبتها وتضع حدا لفوضى هيئات المجتمع المدني هذه.

ولهذا ولإن بعض الجهات التي تقف وراء بعض منظمات المجتمع المدني باتت تحقق إختراقات خطيرة في بعض دول هذه المنطقة، فإنه على هذه الدول ان تبادر لتصحيح الأمور قبل ان يسبق السيف العذل، وقبل أن تصل هذه الإختراقات إلى اكثر الأمور الأمنية سرية والى أدق الأمور السياسية. ويقينا أنه إذا استمر الصمت والسكوت على كل هذا الذي يجري فإن بعض دولنا التي تضع رؤوسها على أرائك من ريش النعام ستجد نفسها مخترقة وعلى نحو سافر بالطول وبالعرض، وقد يصل هذا الإختراق الى بعض المؤسسات الحساسة، التي من المفترض ان تبقى محصنّة ومحميّة وحصينة!!

ثم والخوف كل الخوف أن تتمكن بعض التنظيمات الإرهابية من التسرب الى بعض تنظيمات المجتمع المدني، و»داعش» كما هو معروف لم يستطع إختراق إلا الدول المصابة بفقدان الهيبة والمصابة بالهشاشة الأمنية. وهنا فإنه يجب الأخذ بعين الإعتبار أن من يمد يده لبعض الهيئات الدولية غير المعروفة لا ارتباطاتها ولا لحساب من تعمل وتصرف كل هذه الأموال التي تصرفها بلا حسيب ولا رقيب فإنه غير مستبعد أن يمد يده الى أي تنظيم إرهابي وبخاصة وأن هناك حركات إرهابية غدت تملك أموالا لا تملكها حتى بعض الدول النفطية.