نحو نزاهة المعاملات وسلامة المجتمع


قراءة فاحصة لغالبية المعاملات في المجتمع الاردني والتعاملات بين المواطنين والوافدين، تشير الى اننا نعيش حالة من الاغتراب عما تربينا عليه، وهذا يكاد يطال السواد الاعظم من القطاعات وشتى مناحي حياتنا، فالغش اصبح لغة من التجارة والمهن والحرف وصولا الى سائق التاكسي، والاصعب من ذلك وجود وسطاء يقبضون ثمنا مهما يضاف الى اي خدمة تقدم بخاصة في العمارات والمباني حيث يتولى هذه المهمة حراس العمارة الذين يتقاضون ما تيسر المال في حال طلب استقدام اي مهني لاصلاح اي من المرافق في المنزل، ولا يستقدم اي مقدم خدمة اذا لم يحصل على العمولة بغض النظر عن درجة مهنيته.
الامر يتفاقم في المهن الانسانية مثل الطب، فالطبيب الفلاني يطلب من المريض ان يجري الفحوصات المخبرية في المركز الفلاني بغض النظر أكان المركز المعني قريبا او بعيدا، ويحول الطبيب المريض للمستشفى الفلاني لان الطبيب الهمام لايزور هذا المستشفى ويقتصر على زيارة المرضى في المستشفى العلاني، اما صرف الدواء من قبل بعض الاطباء له الف حساب وحساب، فالادوية الحديثة لها مساقات للتسويق ويتم خبراء وخبيرات في اقناع الاطباء بصرف الدواء الجديد وهو عادة مرتفع الثمن مقابل الكثير من الهدايا وغيرها...وهناك قصص لاتنتهي في القطاع تتمحور حول عنوان واحد هو اخذ اكبر قدر ممكن من المال من المرضى بغض النظر عن احوالهم.
تمادي الناس على بعضهم البعض لايخلو من ضعف النزاهة في المعاملات، وهذا من شأنه تهديد سلامة المجتمع، ويحتاج الى اضفاء ضبطية عالية في المجتمع، بدءا من الالتزام بالقوانين والانظمة التى تحكم حياتنا، وازالة المخالفات تحت طائلة المسؤولية، بدءا من الاعتداءات خلال البناء وبعده، ورمي الفضلات من المركبات الى التجاوز على الاخرين خلال قيادة المركبات التي اصبحت نوعا من التعذيب في الشوارع والطرقات، وتمادي الشركات على المناطق السكنية في ظل سكوت المؤسسات المعنية بضبط ايقاع العمل في المدينة، وتوفير السلامة والبيئة للساكنين.
الاعتداءات على المياه والكهرباء لها عشرات الالاف من الحالات التي تكبد الاقتصاد مئات الملايين من الدنانير، وبرزت مفاهيم غريبة عجيبة تشرعن السرقة..منها ان سرقة الحكومة حلال ..علما بأن الحكومات هي من الشعب وتعمل بغض النظر عن الاختلاف مع سياساتها او الاتفاق معها، وان السرقات يعاد توزيعها على عامة الناس على شكل عجوز مالية تتحول الى قروض جديدة وبالتالي الى ضرائب ورسوم وان تأخرت...مرة اخرى نحن بحاجة الى ردع حقيقي والتوجه نحو مزيد من العدالة والنزاهة في المعاملات لحماية المجتمع حتى لاينفرط العقد وتصعب معه المعالجات.