دولة الرئيس.. الجامعات الأردنية وتفعيل أنظمتها في مجال البحث العلمي
يعتبر الأستاذ الجامعي المؤهل تأهيلا عالياً أحد أهم أسباب وعوامل نجاح أي مؤسسة تعليمية على مستوى الوطني ، وبدونه لن تحقق هذه المؤسسة جودة التعليم, وهذا هو السبب الذي يجعل الجامعات المرموقة في أمريكا وألمانيا وكندا وغيرهما تفرض شروط صارمة على عملية اختيار المتقدمين للعمل لديها كأساتذة في كلياتها المختلفة, لابد أن نفهم نظام هذه الجامعات في عملية اختيار أساتذة الجامعات.
يسمى من يعين بعد حصوله على درجة الدكتوراه في تخصصات العلوم الإنسانية على مرتبة «أستاذ مساعد Assistant Professor» وبعد نشره البحوث المطلوبة و سجل التدريس المرضي و خدمة مجتمع الجامعة يتم ترقيته لمرتبة «أستاذ مشارك Associate Professor» وفق آلية خاصة بالجامعة، ويقوم بنفس الشيء ليترقى إلى مرتبة «أستاذ Professor» و هي أعلى درجة علمية يمكن أن يحصل عليها الأستاذ الجامعي. يطلق على المرتبتين الأخيرتين «Tenure» في نظام التعليم الجامعي الأمريكي، وهي مرتبة يضمن من خلالها عضو هيئة التدريس الاستمرار في التدريس في الجامعة مدى الحياة، ويبعد عنه شبح الاستغناء عن خدماته في أي وقت ولأي سبب غير عادل، وتمنحه حصانة خاصة ضد من يحاول تقييد حريته الأكاديمية أو التدخل في طريقة تدريسه أو تقيمه للطلاب.. في الواقع يضطر الكثير من الأمريكيين من حملة درجة الدكتوراه في تخصصات ومتخرجين من جامعات مرموقة مثل أم أي تي (MIT) إلى البحث عن وظائف أكاديمية في جامعات كندية وأوربية و أسيوية بسبب التنافس الشديد بين الخريجين وعملية الاختيار الصارمة التي تتبعها الجامعات الأمريكية المرموقة.
ولعل ذلك يفتح المجال أمام مؤسسات التعليم العالي لدينا في المملكة لتفكر من جديد في أوضاع الأساتذة والمحاضرين الذين مضى على عملهم سنوات طويلة دون نشر أبحاث علمية وسجل تدريس مرضي ومشاركة فعالة في مجتمع الجامعة و المجتمع بشكل عام من المؤسف جداً أن يتواجد في مؤسساتنا العلمية من مضى عليهم في وظائفهم عدة سنوات وهم على وظيفة «دكتور» وسجل أكاديمي مهين يخلو من الإنجازات العلمية وتدريس متواضع دون تطبيق النظام بحقهم. و كذلك من المؤسف أن يمضي الأستاذ المساعد في مرتبته العلمية التي عين فيها بعد حصوله على شهادة الدكتوراه لسنوات طويلة تمتد إلى عدة سنوات وبسجل أكاديمي مخجل للغاية يخلو من البحوث والكتب العلمية المحكمة والتدريس المقنع وخدمة المجتمع.
وهنا يبرز للسطح سؤال مهم للغاية: هل حقا مؤسساتنا العلمية التي يتواجد فيها مثل هذه العينات تفكر جدياً بالتطوير الأكاديمي والعلمي؟ أشك في ذلك. ربما يقول البعض أن عملية تطوير عضو هيئة التدريس في مجال تخصصه هي من واجبات عضو هيئة التدريس نفسه، وليست من صميم واجبات مؤسسته العلمية. إن هذا القول هو الذي أدى إلى تأخير مسيرة التعليم العالي في المملكة، وجعلها حتى وقت قريب تقدم مخرجات ضعيفة أشبه بمخرجات التعليم العام. إن إهمال المؤسسات العلمية للإنتاج العلمي لأعضاء هيئة التدريس فيها ينمي لديهم الشعور بأن البحث العلمي والتأليف هو أخر أولويات مؤسساتهم مما يشجع البعض منهم على هجر البحث العلمي طالما أنه لا يهدد احتفاظهم بوظائفهم الأكاديمية. ما الفرق إذن بين مدرس في المرحلة الثانوية يعود لبيته بعد نهاية الدوام وعضو هيئة تدريس جامعي لا يبحث و لا ينشر في مجال تخصصه و لا يمثل جامعته و وطنه في المؤتمرات العالمية؟! الحصول على درجة الدكتوراه يجب أن لا يكون غاية وإنما يجب أن يكون وسيلة نحو المزيد من الانتاج العلمي المثمر لمجتمع الجامعة و الوطن الذي انتظره طويلاً ليعود بدرجة الدكتوراه. إن حصول شخص ما على درجة علمية مثل الدكتوراه و لا يتبعها بإنتاج علمي أصيل يضع علامات استفهام كثيرة أمام الطريقة التي حصل بواسطتها على درجة الدكتوراه!! والأرض الجرداء لا تنتج القمح
وعند الاطلاع على مهام الجامعات الوطنية نجد ان مهمة الدكتور البحث والتدريس وخدمة المجتمع وتكمن عدد البحوث على الساحة العلمية على مستوى الوطن نجد انها متدنية جدا اى لا تتجوز بالمتوسط ربع ورقة علمية لهيئة عضو التدريس ولنهوض بالجامعات لابد لجامعتنا فهم لطبيعة عمل أعضاء الهيئة التدريسية بالنشر العلمي الذي يليق بالجامعات الوطنية ويقرب من المتوسط العالمي وبالتالي لابد للجامعات من تفعيل أنظمتها وذلك بهدف النهوض بالتعليم والبحث العلمي والقدرة على المنافسة على الساحة العالمية .