الغلاء طارد السياحة والاستثمارات


يوصف الغلاء بأنه طارد الاستثمارات والسياحة في اي مكان في العالم، الا ان هناك استثناءات فالغلاء في مناطق سياحية مرموقة عالميا لايؤثر على السياحة إذ تحاول السلطات المعنية انتقاء السياحة ذات القدرة العالية للانفاق ومن امثلة ذلك كان ونيس في فرنسا، وهاوي وسان فرانسيسكو في امريكا، وهذه المناطق تستقطب سياحة نوعية، ولا تبحث على السياحة المتوسطة او/ والمنخفضة القدرة على الانفاق، اما بقية مناطق الجذب السياحي فتسعى لاستقطاب السياحة من اربع جهات الدنيا، لذلك نجحت اسبانيا في تحويل السياحة الى مورد رئيس للبلاد، وتركيا استطاعت زيادة مقبوضاتها السياحية عن 32 مليار دولار سنويا.
الغلاء المتراكم يؤدي في نهاية المطاف الى كبح التنمية، وهو انعكاس حقيقي للسياسات المالية والضريبية الرسمية، ومع المبالغة في الضرائب والرسوم على اشكالها تؤدي الى ضعف قدرة الاقتصاد على استقطاب استثمارات جديدة، ويساهم في تراجع تنافسية المنتجات السلعية والخدمية، ويؤدي الى تباطؤ الحركة التجارية ويقود الاقتصاد الى السقم، عندها ستعود الحكومات الى المربع الاول لاقالة عثرة الاقتصاد الذي دخل في حلقة مفرغة.
التراجع المستمر للسياحة خلال السنوات القليلة الماضية له اسباب محلية وخارجية..فالاول ارتفاع الاسعار بمتوالية يبدو انها لن تتراجع مهما حصل، وخارجية تتصل بالاحداث في دول الاقليم التي تشهد حروبا داخلية واعتداءات خارجية تحت مسميات مختلفة، والنتيجة تصنيف دول المنطقة باعتبارها مناطق غير امنة، ما ادى الى عزوف السياحة عنها، باعتبار السياحة ذات طابع اقليمي.
لذلك لم تفلح كل الجهود السابقة في تحسين اداء السياحية من الاعفاءات وتخفيض كلف التشغيل على المستثمرين في القطاع، وبين الشهر والآخر تخرج علينا وزارة السياحة و»الاحصاءات العامة» بتصريحات تفيد بانخفاض السياحة الى البتراء ومناطق مختلفة، فالقطاع تراجعت مساهته في الناتج المحلي، بينما كان المؤمل ان يؤدى لاستقطاب افواج كبيرة عربيا واجنبيا منذ بداية ما يسمى بـ «الربيع العربي»، وترتفع مقبوضاتنا الى مستويات عالية، الا ان النتائج جأت لتؤكد مجددا ان الاستقرار والربحية هما محركان لانتعاش الاقتصاد بقطاعات مختلفة لاغيرهما.
السياح والمصطافون يتذمرون من ارتفاع الاسعار دون ان يبرر هذا الغلاء الخدمات المقدمة، اي ان هناك اسعارا باهظة دون خدمات مقدمة للمصطافين والسياح، وييقى لنا الاعتدال المناخي الذي يخفف وطأة العيش مع الغلاء...مرة اخرى استقطاب استثمارات حقيقية وسياحة مستدامة يتطلب البحث في الاسباب الكامنة وراء الغلاء، ولربح المستقبل علينا التعامل بحكمة مع الواقع الراهن وهذا هو التحدي الكبير امامنا جميعا.