..ونحن لدينا دولة موازية (1)
كما أن كل من يقرأ تاريخ الإخوان المسلمين لا يحتاج إلى طويل عناء, ليكتشف أن الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين, وأول مرشد عام لها, كان من أوائل من سعوا إلى إقامة الدولة الموازية في منطقتنا على الأقل , وذلك عندما باشر بتكوين المؤسسات الاقتصادية, وكذلك تأسيس الصحف والمجلات والمجموعات الكشفية ومن ثم النظام الخاص, الذي شكل القوى العسكرية للإخوان المسلمين, بالإضافة إلى المدراس والمعاهد, وحاول اختراق الأحزاب بزرع أعضاء فيها ينقلون إليه أخبارها, وهذه كلها من مقومات إقامة الدولة الحقيقية التي طالما تطلع الإخوان المسلمين للوصول إليها, وإلا ما حاجة مؤسسة مجتمع مدني, أو حركة دعوية إلى تأسيس نواة جيش وجهاز مخابرات, مثلما فعل ويفعل الإخوان المسلمون حيثما أتيح لهم ذلك. إن كل من قرأ كتاب الإخوان المسلمين والمجتمع المصري لمحمد شوقي زكي ودقق فيما بين السطور سيكتشف حجم الكيان الموازي الذي بناه الإخوان المسلمون في مصر, وعندي أن الأستاذ فتح الله كولن في بنائه لحركته التي يسميها أردوغان اليوم بالدولة الموازية كان يستلهم أسلوب حسن البنا في بناء الدولة الموازية, وهو أسلوب صار نهجاً ملهماً لتنظيمات الإخوان المسلمين في المجتمعات والمناطق والدول التي صار لهم فيها وجود, سعوا إلى تعظيمه وتحويله إلى دولة موازية, وهو بالضبط ما جرى في الأردن الذي أجزم أن الإخوان المسلمين تمكنوا في مرحلة من مراحل علاقتهم بالدولة الأردنية من استثمار هذه العلاقة لبناء دولتهم الموازية للدولة الأردنية الحقيقية, وهذا ما سنسعى لبيانه في مقال قادم.