الفكر المربح ... والفكر المدمر !!!

يقول الفرزدق ( لا خير في حسن الجسوم وطولها ... اذا لم يزن حسن الجسوم عقولا ) ويقول أمير الشعراء ( ان الشجاعة في القلوب كثيرة .. ووجدت شجعان العقول قليلا ) والعرب يقولون ( عدو عاقل خير من صديق جاهل ) .
والفكره هي كل ما يخطر في العقل البشري من أشياء او حلول او اقتراحات مستحدثة او تحليلات للواقع والاحداث فقدرة الانسان على توليد الافكار يترافق مع قدرته على الاستنتاج والابداع والابتكار .
فالعقل مولد للافكار وهناك افكار نتيجة الخبرة العملية والعلمية مؤثرة والافكار العظيمة تحتاج الى عجلات واجنحة للهبوط ( كما قالها سي جاكسون ) فكل فكرة لا تدخل حيز التنفيذ لا تحدث أثراً عظيماً فالقوة الحقيقية للفكرة تظهر عندا تنتقل الحيز التجريدي الى التنفيذي والناس لا يصدقوا اي فكرة او يدعموها ما لم يصدقوا صاحبها اولاً وان يكون مؤمناً بها وبالتالي ستؤثر بالافرد التي ستترسخ الفكرة لديهم وتخلق التشاركية والاستجابة وامكانية اعادة الصياغة وتطويرها بمشاركة مفكرين آخرين .
والفكرة طائر يحلق بلا اجنحة والفكرة قلم بحد السيف ونبته بعطر الزهور ونسمة بعبير الربيع وشمعة بضياء الشمس وبنور القمر والفكرة شجرة باسقة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها الفكرة طريق انوار الله وسفينة الوصول لقربه فالعقل منبع الفكرة والفكرة طائر مغرد يصعد بك الى غاية خلقك واصل ذاتك ولم يكن ديكارت مخطئاً حيث قال ( انا افكر اذن انا موجود ) فأي تحول بشري في نطاق الجماعة لم يكن الا نتيجة فكرة فأن منبع اي قلم تكون الفكرة هي نبض كلمته من ذلك كله نلتمس اهمية الفكر وعظيم التفكير وقيمة العقل الذي كلما ازداد عملاً ازداد معها البحث عن الغاية والافكار الجيدة تمنع الانزلاق في ظلمات الضياع ومن يقتنع بفكرة عليه مناقشتها وتقبل نقدها والدخول في تفاصيلها والذي يحول دون ذلك فهو جاهل يسجنها في معتقل الجهل .
فالعلم اداة المعرفة والمعرفة مفتاح للفكرة فكانت الفكرة ثمرة العلم الذي تم تفضيل آدم به والعدل في الامة فكرة والمساواة فكرة وآليات الدولة الحديثة المتحضرة كلها بلا استثناء عبارة عن فكرة والاقتصاد الناجح يبنى على فكرة والسياسة الحكيمة تبنى على فكرة والصناعة والتكنولوجيا والتقدم العلمي ذاته يبنى على فكرة ومن يتجاهل الفكر او يحاربه انما هو عدو للامة ومن يعتقد ان الفكر وصناعته في الامة من الكماليات فهو واهم لأن الفكر في الامة هو اصل وجودها وهو الاساس الذي يبنى عليه كل تقدم وكل نهضة وكل رقي فهو للامم الحياة بذاتها ولوسألت عالم ومفكر كيف تعرف مقدار الامم ودرجة رقيها فلن احدثك عن مبانيها وطرقها او اموالها بل احدثك عن عبقرية قائدها وحاكمها الملهم احدثك عن الفكر النير لديها ودرجته وعن العقل وقيمته وعن العلم وهيبته بين ابنائها هذه هي الامة الحية وغير ذلك تبقى أمة تحتضر .
ميكي ماوس ( شخصية كرتونية ) تم تطبيق فكرته من قبل والت ديزني وأب ايوركس في عام 1928 وهو رمز شركة والت ديزني وتم اصدار بعض الطوابع في امريكا تحمل صورته وتم تصنيع ساعات تحمل شخصية ميكي ماوس وتم تصنيع مجوهرات على شكل ميكي ماوس ورشحت للاوسكار 37 مرة ونال منها 22 مرة لافلامه الكرتونية وتم من خلاله بيع الثقافة الغربية لبقية شعوب العالم وتجني والت ديزني المليارات من ورائها من خلال ما ينفقونه لشراء افلامها اسطوانات وشرائط فيديو وكاسيت وغيرها اي انها فكرة حققت دخلاً مالياً مربحاً وباستمرار .
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي اعظم فكرة تم طرحها عبر السنوات الطويلة الماضية وحققت ارباحاً ملموسة تدر دخلاً على الوطن الم تكن فقط افكار لطرق الجباية من دخل المواطنين باشكال واساليب متنوعة حققت دماراً لمعيشة المواطن في ظل تزايد للمديونية وهروب المصانع الى دول مجاورة وعزوف الاستثمار وزيادة في نسبة الفقر والبطالة وكل تركيزنا على مواصفات المسؤول هل هو صاحب دهاء وذكاء ام لا ولم نركز على عدم مقدرته على تحقيق اية منجزات وطنية ملموسة وذات مَعلم استثماري مدر للدخل .

hashemmajali_56@yahoo.com