مواطنون يقعون فريسة احتيال شركات توظيف غير مرخصة.. وتضارب الارقام حول عددها
3اخبار البلد
بين قلة من شركات التوظيف المرخصة ومئات من غير المرخصة، يدخل الباحثون عن عمل في نفق مظلم بحثاً عن بصيص أمل يرون فيه النور للحصول على وظيفة تعينهم على معيشتهم، وبين مطرقة هذه الشركات وسندان البحث عن عمل، يقع بعضهم ضحية سهلة لممارسات بحاجة إلى إجراءات وقرارات حكومية توقف نزف المزيد من ضحايا تلك الشركات التي تستغل حاجة الباحثين عن العمل .
واستنادا إلى أرقام رسمية صادرة عن نقابة أصحاب شركات التوظيف، يتجاوز عدد شركات التوظيف غير المرخصة حاجز الـ 600 شركة، في حين تؤكد وزارة العمل بأن عدد الشركات المرخصة 72 شركة فقط، الأمر الذي يتطلب مواجهة هذه الظاهرة وتطويقها وصولاً إلى القضاء عليها.
ويروي محمد عبدالله (40 عاما ) قصته مع أحد مكاتب التوظيف التي تقدم لها أملاً في الحصول على وظيفة مناسبة بعدما بدأ اليأس يأخذ طريقه إليه، علماً بأنه حاصل على درجة الدكتوراه في إحدى التخصصات الإنسانية من إحدى الجامعات الأردنية الحكومية إلا أن تفاقم مشكلة البطالة وتفشيها في صفوف الشباب أصبحت لا تميز بين تخصص وآخر على حد تعبيره.
ويضيف بأنه تقدم لشركة توظيف، والتي بدورها اتصلت به في ذات يوم تقديمه للطلب لتبلغه عن وجود شاغر يتناسب مع مؤهلاته في إحدى الدول المجاورة، مطالبة إياه بالقدوم لمكتب الشركة مصطحباً معه الأوراق المطلوبة ومبلغ 800 دينار "دفعة أولى" من أصل 1600 دينار المترتبة عليه وهو راتب "أول شهر" بحسب مواصفات الشاغر المعروض.
ويتابع عبدالله .. بأنه استفسر عن امتيازات الوظيفة وما تؤمنه له الجهة التي سيعمل بها مثل (السكن، والتأمين الصحي، والمواصلات، ...)، وزيادة الراتب وكيفية الترقية، وقد اتصلوا به بعد نصف ساعة ليبلغوه بأن جميع "طلباته مجابة" بما فيها زيادة الراتب، مضيفاً أن الشركة طلبت منه زيارتهم والاستعجال في توقيع العقد (الأولي) ودفع القيمة التي سبق وأن طلبوها منه، مع إمكانية "التفاوض" على المبلغ المطلوب في حال دفع المبلغ كامل (الدفعتين)، الأمر الذي أثار شكوكه حول حقيقة المكتب وبخاصة أن القوانين تنص على دفع المبلغ المطلوب لشركة التوظيف لدى توقيع عقد العمل، كما لم يتم الإفصاح عن أية معلومات تخص المؤسسة التي يتوفر فيها الشاغر ولا مكانها الدقيق إلا بشرط توقيع العقد المبدئي مع شركة التوظيف ودفع المبلغ المطلوب، ليبدأ بعدها بالاستفسار عن حقيقة هذه الشركة ومدى مصداقيتها.
ويقول انه اكتشف أن هذه الشركة قامت بالعديد من عمليات الاحتيال على شباب باحثين عن عمل، متسائلاً عن مدى تطبيق الرقابة على مثل هذه الشركات وكيفية ترخيصها واعتمادها، داعياً إلى الإسراع في الكشف عما تقوم به هذه الشركات والوقوف على التجاوزات التي تمارسها واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها.
ويبين أحمد المومني (23 عاما) ويحمل شهادة البكالوريوس تخصص المحاسبة كيف تم الاحتيال عليه ودفع مبلغ 500 دينار لإحدى شركات التوظيف مقابل حصوله على وظيفة بإحدى الشركات العاملة في دولة مجاورة ، موضحاً أنه بعد انقضاء أربعة أشهر في الانتظار دون أية تطورات، تبين عدم صحة الوظيفة الشاغرة والعرض الوظيفي المقدم، إضافة إلى عدم وجود شركة بهذا الاسم في بلد "الوظيفة".
ويقول لجأت الى تقديم شكوى بحق شركة التوظيف التي قامت بالاحتيال علي إلى نقابة أصحاب شركات التوظيف ووزارة العمل، إلا أنه لم يتلق أي ردود على ذلك لينتهي به الأمر بالتوجه إلى مكتب الشركة والضغط عليهم وتهديدهم باستخدام القوة للحصول على المبلغ الذي دفعه لهم، إلى أن أخذ حقه من هذه الشركة (المرخصة والمعتمدة) تحت ذلك الإجراء على حد قوله، مطالباً بضرورة متابعة هذه الشركات وتشديد العقوبات بحق المخالفة منها.
وفي ذات الصدد، يشير نقيب أصحاب شركات التوظيف باسم تليلان الى أن المشكلة ليست بشركات التوظيف المرخصة وإنما بغير المرخصة، فالأولى لها مرجعية ويتم متابعتها من قبل وزارة العمل ونقابة أصحاب شركات التوظيف، إلى جانب تقديمها للكفالة المالية (100 ألف دينار) التي توضع تحت تصرف وزير العمل يأمر بتسييرها في حال ثبت أي تجاوزات تمارسها شركة التوظيف على المواطنين، مبيناً أن عدد الشركات المرخصة والتي تحمل مزاولة مهنة وتعمل بالشكل القانوني لا يتجاوز عددها 73 شركة، في حين يوجد أكثر من 600 شركة توظيف غير مرخصة وتعمل تحت اسم (استشارات توظيف) دون وجود مزاولة مهنة، إضافة إلى العديد من المواقع الإلكترونية التي تمارس أعمال التوظيف في صورتها العامة، في حين اعتبرها تمارس أعمال "النصب والاحتيال" على المواطنين.
ويوضح أن النقابة شكلت لجنة لمتابعة شركات التوظيف "الوهمية" بموجب القانون، وخاطبت وزارة العمل والجهات المعنية لتشكيل لجنة أمنية للسيطرة على هذه الظاهرة التي وصفها بـ "الضخمة"، وتحتاج إلى جهود مكثفة للحد منها وإغلاق تلك الشركات المخالفة، لافتاً الى أنه تم أخيراً تشكيل لجنة مكونة من (النقابة، وزارة العمل، الأمن العام، وزارة الداخلية) لمتابعة شكاوى المتعاقدين مع هذه الشركات للوقوف على التجاوزات التي تمارس ضدهم، واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة بحق الشركات المخالفة.
وحول كيفية عمل الشركات المخالفة التي لا تحمل مزاولة للمهنة يبين تليلان أن العملية تبدأ عندما يتقدم صاحب الشركة بطلب الحصول على "رخصة" لفتح شركة توظيف من وزارة الصناعة والتجارة، والتي بدورها تخاطب وزارة العمل، حيث تقوم وزارة العمل بالرد بأنه "لا مانع من تسجيل الشركة ومنعها من ممارسة اعمالها لحين إصدار مزاولة المهنة من وزارة العمل ومتابعة كافة الإجراءات بما فيها الكفالة المالية المطلوبة"، مضيفاً أن صاحب الشركة "المخالفة" يقوم بتعليق هذه الكتب الرسمية في مكتبه ويبرز "الترخيص" غير المكتمل، ومن ثم يمارس أعماله بموجب المرحلة الأولى من الترخيص والتي لا تتطلب مزاولة مهنة ولا يترتب عليه دفع الكفالة المالية المطلوبة، مؤكداً في الوقت ذاته أن طالب العمل أو المتعاقد يرى الرخصة ولا يرى مزاولة المهنة، الأمر الذي يساعد الشركة "المخالفة" بالالتفاف على المتقدم والاحتيال عليه.
ويلفت إلى أن شركات التوظيف "المخالفة" تتلخص تجاوزاتها بأخذ مبالغ مالية على عقود وهمية غير صحيحة تحت بند (دفعة أولى)، أو تقاضيها لرسوم مالية على تقديم طلب التوظيف، أو ما تمارسه بعض المواقع الإلكترونية التي تعمل في هذا المجال عبر تقاضيها لرسوم مالية تصل إلى مئات الدنانير على تقديم الطلب فقط، منتقداً ما تقوم به بعض الصحف المحلية بنشر اعلانات توظيف لشركات وهمية علما بوجود تعميم من مختلف الجهات المعنية بمنع نشر اعلانات توظيف خارجية إلا عبر وزارة العمل ونقابة أصحاب مكاتب التوظيف، موضحاً بأنه حدثت العديد من المشكلات نتيجة لذلك.
ويدعو تليلان طالبي العمل إلى التأكد من إعلانات التوظيف بوجه عام، والاستفسار عن أي شركة توظيف من قبل (وزارة العمل، نقابة اصحاب شركات التوظيف)، والذين بدورهم يقدمون المعلومات والاستفسارات وتلقي الشكاوى، لافتاً إلى أن النقابة خصصت خطا ساخنا لتقديم المعلومات وتلقي الشكاوى على مدار الساعة (0775387285).
؟؟؟؟؟؟ وبذات الاتجاه، يوضح الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الخطيب أن الوزارة تتولى عمليات الترخيص والاشراف والمتابعة والتفتيش على شركات التوظيف التي يبلغ عددها 72 شركة مرخصة، وتقوم بإيقاف مكاتب التشغيل وشركات التوظيف غير المرخصة والاشخاص غير المرخصين الذين يقومون بعمليات التوظيف الوهمية واحالتهم للقضاء، حيث تنظم الوزارة حملات تفتيشية دورية لمتابعة الشركات المرخصة وغير المرخصة وضبط الاشخاص الذين يمارسون اعمال التوظيف دون الحصول على ترخيص، لافتاً إلى أنه قد نصت المادة 11 من قانون العمل "لا يجوز لغير مديريات التشغيل العامة ومكاتب التشغيل الخاصة المرخصة القيام بأعمال الوساطة لتشغيل أو تسهيل تشغيل العمال في داخل المملكة وخارجها"، ولوزير العمل اصدار قرار اغلاق المحل المخالف لأحكام ذات المادة واحالته الى المحكمة، حيث يعاقب المخالف بغرامة لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد عن الف دينار أو الحبس لمده لا تقل عن 30 يوما ولا تزيد عن 6 أشهر او بكلتا العقوبتين، وإغلاق اي محل يستعمل لهذه الغاية ومصادرة موجوداته المتعلقة بغرض التشغيل.
ويضيف أن الوزارة تتلقى العديد من الشكاوى والملاحظات بهذا الخصوص، حيث تتعامل مع ذلك من خلال القيام بزيارات تفتيشية للتأكد من مدى التزام الشركات المرخصة بالقوانين والانظمة والتعليمات الناظمة لهذه الأعمال، مشيراً الى أنه قد يوجد مكاتب لشركات توظيف وهمية، لكن لا بد من المتقدم تحكيم العقل قبل اتخاذ اي اجراء أو توقيع عقود أو دفع مبالغ مالية لأي جهة وأن يتمهل ويطلب ايضاحات من الشركة وعدم الاستعجال والرجوع إلى وزارة العمل أو مديرياتها لمزيد من التأكيد حتى لا يقع ضحية لعملية نصب واحتيال.
ويدعو الخطيب المواطنين والباحثين عن العمل إلى زيارة الموقع الالكتروني للوزارة وهناك ايقونة بعنوان دليل مكاتب التشغيل الخاصة المرخصة ليتمكنوا من معرفة ما اذا كانت الشركة مرخصة أو وهمية، أو الاتصال مع الوزارة خلال هواتف الخط الساخن : 0796580666 – 0777580666 أو على الهاتف الأرضي المجاني 080022208 للاستفسارات المتعلقة بهذا الخصوص، وعدم مراجعة شركة التوظيف اذا تبين بأنها "وهمية"، وفي حال مراجعة مكتب مرخص عليه الاستفسار عن الوظيفة ومكانها وشروط مكتب العمل وأية معلومات تفصيلية أخرى، واذا ما شعر بوجود أي إشكالية فيراجع اقسام التفتيش في مديريات العمل لوضعهم بصورة أية مخالفات.