قروض الضمان والاستثمار

د. إبراهيم الدعمة
القرار الذي اتخذته مؤسسة الضمان بمنح قروض لمتقاعديها يبعث على الارتياح ويستحق التشجيع ، والضوابط التي وُضِعَت لهذه القروض منطقية نوعاً ما ( عشرة أضعاف الراتب ، والسداد خلال خمس سنوات ... الخ ) ، لكن منح هذه القروض من خلال فَرْض نسبة ربا ( فوائد ) عليها سيحرم الكثيرين من المتقاعدين فرصة الاستفادة منها ، فهناك نسبة كبيرة لن تختم حياتها بشيء أعلن الله تبارك وتعالى الحرب على آكليه ، وهناك بديل لذلك بأن تكون هذه القروض وفق نظام المضاربة والمرابحة الإسلامي كما صرح بذلك رئيس جمعية متقاعدي الضمان الاجتماعي .
والحقيقة أن المؤسسة وبشكل عام لديها القدرة والإمكانية للمساهمة في النشاط الاقتصادي أكبر بكثير من مثل هذا النشاط ، فواقعنا الاقتصادي يحتاج إلى الاستثمار الحقيقي ، إن كانت لدينا الرغبة في التطوير والتقدم والإصلاح ، وتستطيع هذه المؤسسة المساهمة الفاعلة في هذا الجانب ، وعدم الاكتفاء بالاستثمار الآمن الذي تنتهجه حالياً ، وهناك الكثير من النشاطات الاستثمارية التي ثبتت جدواها الاقتصادية ، واستقطبت الاستثمار الأجنبي حالياً للاستثمار بها ، فضلاً عن الاستثمار في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل نسبة 95% من مجمل المشاريع الاقتصادية الوطنية كما يشير المسئولون في ندواتهم ومؤتمراتهم .
واستعراضاً لأهم الجوانب التي يمكن الاستثمار بها فيمكن على سبيل المثال فتح مجمعات حرفية وتقنية بالتعاون مع مؤسسة التدريب المهني لاستقطاب وتشغيل الكثير من الأيدي العاملة المدربة ، وهناك الأراضي الزراعية والحرجية المعطلة التي يمكن فتح مشاريع زراعية لزراعتها وتصنيع منتجاتها كبديل للمستورد منها ، وهناك المؤسسات التعليمية الجامعية الخاصة من خلال تشريعات تفرض عليها امتلاك المؤسسة لـ 25% من أسهمها حتى لا يبقى هذا التعليم مرتبط بأصحاب رؤوس الأموال ، والذي لا يخفى تغولهم على القرار الإداري والأكاديمي فيها ، خاصة وأن هذه المؤسسات بدون بنى تحتية وخدمات يؤديها القطاع العام لا يمكن استمرار عملها بدونها ، ، وهناك المؤسسات العلاجية التي يتوفر لدينا أطباء على كفاءة عليه إدارتها وتشغيلها ، وغير ذلك الكثير من الاستثمارات التي نبحث لها عن مستثمر أجنبي للقيام بها .
هذه الاستثمارات ستؤدي إلى تطوير الواقع الاقتصادي ، ولها من الانعكاسات الايجابية على مجمل النشاطات الاقتصادية الشيء الكثير ، فضلاً عن مساهمته في علاج مشكلة البطالة التي يعاني منها مجتمعنا ، ويمكننا بنفس الوقت الاستفادة من عوائد هذه الاستثمارات برفع رواتب المتقاعدين أصحاب الرواتب المنخفضة التي تقل عن ثلاثمائة دينار ، والذين تبلغ نسبتهم حوالي 62 % من مجموع متقاعدي الضمان ، والبالغ عددهم 186 ألف متقاعد حسب احصاءات المؤسسة .
فمن هنا يمكننا القول بأن هذه المؤسسة الوطنية يمكنها تطوير دورها الرعائي إلى أن يكون لها دور اقتصادي ، هذا الدور يجب أن يشرف عليه ويقوده مجلس استثماري يتمتع بالكفاءة والأمانة ، بحيث يضع تحقيق المصالح الوطنية المحلية والاستفادة من مواردنا الاقتصادية المعطلة أو غير المستغلة استغلالاً أمثلاً على رأس أولوياته ، ويمكن تحديد نسبة هذا الاستثمار بـ 25 % من موجودات المؤسسة على سبيل المثال .
نملك الكثير من أدوات الاصلاح والتطوير إن كانت لدينا النية الصادقة والإرادة الذاتية والنظرة المستقبلية ، وبغير سنبقى نُراكِم مشاكلنا الاقتصادية ككرة الثلج ، خاصة في ظل تدوير القبعات على رؤوس من كانت لهم مشاركة في إيصالنا لهذا الواقع ، والذين نسمع لهم آراء تختلف عن مقارفاتهم على أرض الواقع ، والله المستعان .