«البوكيمون» وما أدراك ما «البوكيمون»!


 

صحيح ان قيادة السيارات عندنا تتغير وتتبدل وفقا للأحوال المزاجية للسائق نفسه متأثرة دوما بالعوامل الجوية ما بينها من أعياد وطنية ودينية.. وايام الأسبوع فبين سواقة الخميس المطعّمة بنكهة نهاية الأسبوع والتفنّن بأيام رمضان وابتكار إبداعات وقْفة العيد.. الخ تخرج كلها بمحصلِّة نهائية تجعلها تقبع بخانة المتغيرات بعيدا عن الثبات.. هذا الثبات المنبثق عادة عن قانون السير والالتزام بهذا القانون بخاصة بحالة غياب الرقيب الداخلي- الضمير- الذي يحفّزنا وجوده على الالتزام والعكس صحيح..
ناهيك عن ثقافة المشي عندنا التي لا تخضع لضوء أحمر ولا لأخضر ، حيث يحق للماشي مالا يحق لغيره فالقانون لا يعني بعض المشاة.. بل يعني الآخرين..
المهم.. نعود لموضوعنا الى حمّى «البوكيمون جو» فقد اثارت جدلا كبيرا منذ إطلاقها في الولايات المتحدة يوم 6 تموز الحالي فخلال الأيام القلائل الأخيرة احتل «البوكيمون» عقول الأجيال الصاعدة وحتى الأكبر منها.. ليصبح هذا المخلوق الافتراضي دخيلا من نوع آخر يسيطر على اهتمامات الكثيرين من ذكور وإناث , مما بعثر التركيز إن كان هنالك تركيز من أصلِه..
وبالتالي انعكس سلبا على قيادة السيارات التي ازدادت خفة وطيشا.. وعند تساؤلنا عن سبب هذا الاستهتار الواضح والزائد بقيادة السيارات التي ازدادت سوءا خلال أسبوع.. قالوا- بسبب البوكيمون !
لينطبق عليهم :» صُمٌ (بكْمٌ) عُمْيٌ فهم لا يبصرون «–بكْم ً- جمع أبكم..ُتلفظ (بُكْمُنْ)..
قد نبدو جاهلين امام الأجيال الصاعدة لشحِّ معرفتنا بالألعاب الافتراضية ،وعند تساؤلنا ومن يكون هذا المحترم البوكيمون ؟ فإسمه على غرار «بان كي مون « الأمين العام للأمم القَلِق دوما على الأوضاع العالمية !
أجابونا
- انها لُعبة البوكيمون.. وليست بإنسان..وتعود لأكثر من 20 عامًا حتى الآن، وكانت تُلعب عند إطلاقها باللونين الأبيض والأسود، ونشأ جيل كامل على لعبة البوكيمون التقليدية والتي كانت تُلعب على اجهزة الألعاب القديمة Game Boy.
و اسم اللعبة بوكيمون، وهي كلمة يابانية مُركبة، اختصارًا لما يطلق عليه "وحش الجيب”، وهم مجموعة من الوحوش الصغيرة التي يجب القبض عليها.. وعن طريق الـGPS تحدد لك أماكن تواجد أقرب بوكيمون إليك لتنطلق في رحلتك الخاصة للبحث عنه والحصول عليه وتساعدك في استكشاف أماكن جديدة حولك..وتجعل اللعبة العالم الطبيعي حولك وكأنه عالم البوكيمون فتأخذك لأماكن مختلفة لتجميع البوكيمون المطلوب بالعالم الافتراضي المفروض !
وكلّه كلام جميل لحد الان فمثل هذه اللعبة تختلف عن بقية العاب الإنترنت لكونها تحفّز على النشاط والحركة عبر التجول والتنقل للقبض علي البيكومونات..
ممتاز: نشاط.. حركة.. تعبئة وقت الفراغ بدلا من تدخين الشيشة والانغماس بمشاجرات..الخ مما يسد النفَس والنفْس ! ولكن ألا يوجد شيء آخر بنّاء تملأ أجيالنا الصاعدة وغيرها من الأجيال القاعدة وقت فراغها واجدة فيها متنفّسا لطاقاتها الزائدة سوى ملاحقة «عفاريت البوكيمون» الوهمية قاطعين الساحات متسلّقين الأدراج قارعين ابواب المطاعم والبيوت والعيادات طالبين من أصحابها فتح الأبواب لهم للبحث عن البوكيمون ؟
نحن لسنا ضد الألعاب الافتراضية وغيرها.. ولكن لا يجوز الانغماس بها لحد الغياب عن الوعي ودخول عالم الهبَل والخبَل طواعيَة.. فنحن نعيش بأتَون مشتعل يتطلب منا الثبات لتنشيط الوعي لا تغييبه.. كبارا وصغارا..فالوطن بأسره بهذا الظرف الدقيق مسؤول منا.. ولعل انطلاقة المواطنين الأتراك وخروجهم للشوارع مطالبين بأمنهم واستقرارهم خير مثال ليعيدوا الاستقرار والتوازن لميزان العدالة والتنمية إثر محاولة البعض عندهم قلب معاييرها وبعثرتها ،وكلنا ندرك النتائج الوخيمة لقلب المعايير.. فهيهات ان تعود الى مجراها الطبيعي في زمن الشقلبة! فحذار حذار من غياب الوعي وتغييبه !
وعلى ذكر الشقلبة فقد سجلت حوادث كثيرة بأمريكا واستراليا اثناء السواقة و المشي لملاحقة البوكيمون كالوقوع عن السلالم بسبب الانغماس بالجهاز المحمول ومتابعة تحركات العفريت المأمول..
ناهيك عن الإدمان عليها نتيجة الولع الزائد لان البعض لا يعرف الاعتدال والتوازن بتوزيع الاهتمامات ف « يا طُخّه يا إكسِرْ مخّة « وبخاصة عند الأفراد والجماعات التي تشكو من غياب المنطق والموضوعية لأسباب وراثية أوتربوية.. وربما الإثنين معا !
فيكفينا هاجس «الواتس اب «و «الميسجات» وغيرها وإدمان الكثيرين عليها مُتَدَرْفِكين متشقلبين فوق السلالم داخلين بالجدران والمصاعد ، بسبب بعثرة التركيز العقلي وجاء البوكيمون ليكمل على البقية الباقية من التركيز..
علاوة على ان المشترِك باللعبة يكون عرضة لانتهاك خصوصيته وما يتبع على البيْعة !
صحيح ان وزارة السياحة عندنا ستجيّر هذه اللعبة لتنشيط السياحة عبر تحميل المعالم السياحية وتنزيلها على لعبة البوكيمون..ولكننا نناشد اللاعبين بتوخّي الحيطة والحذر مطالبين الأهل برفع درجات الوعي لديهم لمتابعة ابنائهم وبناتهم بشكل افضل بدلا من التغنّي متحججين: كلَه من البوكيمون يابا كلُّه من البوكيمون!