لكي نفهم ما حدث في تركيا..!
لكي نفهم ما حدث في تركيا (15-7) نحتاج الى التذكير بما جرى على ضفاف العلاقة بين "الاسلاميين " والعسكر،حيث انتهت التجارب التي وصل اليها المحسوبون على التيار الاسلامي هناك (مندريس مثلا الذي اعدم بعد الانقلاب عليه، واربكان الذي قدم استقالته بعد سنة من الحكم وانتهى الى المنع من ممارسة العمل السياسي) الى انقلابات غالبيتها عسكرية، اعادت العلمانيين الى السلطة، وتركت لمجلس الامن القومي الذي يسيطر عليه الكماليون حرية معاقبة او حذف كل من يتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها اتاتورك لتحويل تركيا والى غير رجعة، عن محيطها الاسلامي وهويتها الحضارية.
حين ترشح عبدالله غول -مثلا - لرئاسة الجمهورية في المرة الاولى وجّه العسكر انذارا هددوه فيه بالانقلاب عليه اذا ما انتخب لهذا الموقع الامر الذي دفعه الى التنحي عنه،اردوغان آنذاك (2010) وفي خطابه بعد الفوز الذي حققه حزبه "التنمية والعدالة” في الاستفتاء على الاصلاحات الدستورية تذكر انذار العسكر الى "غول” واختار ان يرد عليه بجملة واحدة : "هذا انذار الشعب ايضا” بعد ان وعد الشعب التركي بأن "الرد سيكون في صناديق الاقتراع” وقد كان، لاحظ ان الرد على محاولة الانقلاب الاخيرة جاء من خلال الشعب ايضا ،كما طلب اردوغان في رسالته عبر الهاتف .
المعنى -بالطبع - كان واضحا ، فقد أُسدل الاستفتاء الذي جرى الستار على حقبة طويلة من عمر الدولة التركية كان فيها الجيش "حارسا للقيم العلمانية” وفاعلا قويا في اللعبة السياسية وكان لموعد اجراء الاستفتاء ( صادف في الذكرى الثلاثين للانقلاب العسكري الذي وقع عام "1980 ) دلالة خاصة اختزلها العنوان الذي اختارته صحيفة صباح "تركيا تنظّف عار الانقلاب” مع ان التعديلات التي جرى الاستفتاء عليها و تشمل اكثر من عشرين مادة في الدستور لا تتعلق بسلطة العسكر فقط وانما بسلطة القضاء سواء فيما يتعلق بصلاحيات المحكمة الدستورية او بالطرق التي يتم فيها تعيين القضاه وبسلطة الحكومة ايضا ( لاحظ ايضا الاقالات التي شملت القضاة والعسكر بعد محاولة الانقلاب الفاشلة).
صحيح ،بوسع ( الفتى الشجاع) أردوغان أن يمدَّ لسانه لكل الذين راهنوا على ( سقوطه)، فقد خرج الرجل منتصرا بعد "الانقلاب الفاشل” الذي توقَّع خصومه ان يكون اخر طلقة للانقضاض عليه ، واستئصال تجربته من الجذور.