الإعلام الإلكتروني وتغذية الإرهاب!
إن أبرز ما يتسم به الاعلام الالكتروني في عصرنا الحالي عصر العولمة هو تحوله الى بيئة خصبة حاضنة ومغذية للارهاب اذا ما وظف بطريقة خاطئة و إحدى ساحات المواجهة بين الجماعات الارهابية التكفيرية المتطرفة و الانظمة السياسية بشكل عام ، بحيث اتخذت هذه الجماعات الارهابية من الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي قاعدة أساسية ومحرك رئيسي لها لكي تبث سمومها وتغرس افكارها ومعتقداتها النتنة التي تسعى من خلالها إلى تجنيد الشباب في جيوش عصاباتها القذرة وغسل أدمغتهم بطرق ملغومة قائمة على ثقافة القتل والدماء والموت وترويع النفوس الامنة والافكار الظلامية السوداء ، ونشر تهديداتها من خلال انشاء حسابات وهمية وغير معروفة وصفحات مشبوهة عبر الانترنت ، حيث يصعب ملاحقة مثل هذه الحسابات وكشف هوية اصحابها .
وذكرت العديد من الدراسات ان التنظيمات الارهابية لجأت في الآونة الاخيرة بشكل كبير جدا الى شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ( فيسبوك ، تويتر ، يوتيوب ، انستغرام ) ، لتأسيس شبكات الكترونية موسعة من " الاعلام الجهادي التكفيري " ، وذلك خاصة بعد تشديد الرقابة من قبل الانظمة والسلطات على وسائل التجييش الكلاسيكية كدور العبادة والقنوات الفضائية ضمن استراتيجية ومنهجية محاربة ومجابهة التطرف والارهاب والعنف ، ونلاحظ ان الجماعات الارهابية المتطرفة نجحت في جعل فضاء الاعلام الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي اداة فاعلة في بث نشاطها الارهابي المتطرف ذلك لما يتميز به هذا النوع من الاعلام من سهولة التطبيقات التكنولوجية للشبكة العنكبوتية ( الانترنت ) ومساحة الحرية المتاحة والتي تعتبر مساحة كبيرة مقارنة بوسائل وانواع الاعلام الاخرى وتوسع انتشارها في مختلف انحاء العالم فضلا عن استقطابها شرائح واسعة و جماهير مهولة من المتلقين ، وقلة الضوابط المفروضة عليها .
بالتالي تنبثق من هنا ضرورة ملحة وجادة ومستعجلة للتصدي لاوكار العصابات الارهابية الفاسقة المنتشرة عبر شبكات الانترنت وضرورة تشديد الرقابة على وسائل الاعلام الالكتروني بكافة اشكاله وسن القوانين الفاعلة والضوابط الناظمة ضمن اطار مكافحة الارهاب والتكفير والتطرف ، بالاضافة الى تبني مبادرات وحملات توعوية ارشادية تثقيفية تهدف الى توجيه رسائل تنويرية للتعريف بمخاطر وعواقب الانجرار خلف المواقع والمنتديات والصفحات الالكترونية المشبوهة ، و حماية شريحة الشباب بشكل خاص من هذه التكنولوجيا التي تعتبر سلاح ذو حدين ، حيث أن الشباب هم بناة المستقبل وذخيرة الاوطان ويقع على عاتقهم تطوير المجتمعات وتنميتها والنهوض بها ، فضلا عن ضرورة التركيز على دراسة كافة العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافة الدينية المغلوطة المؤدية الى نمو الارهاب والتطرف والعمل بشكل جدي على معالجتها و تجديد الخطاب الديني وخاصة المنتشر الكترونيا بما يتلائم مع اسس واخلاق الشريعة الاسلامية الصحيحة السمحة القائمة على مبادئ الاعتدال والوسطية وإعمار الارض و السلام والتعايش والاخاء والمحبة بين كافة شرائح واطياف المجتمع .