مؤتمر باريس الايراني
قد تتفق مصالحنا كأردنيين وكفلسطينيين وعراقيين وكعرب مع مصالح السياسة الرسمية الايرانية وقد تختلف ، ولكن على الرغم من تباين هذه المصالح وربما تعارضها ، لا نحمل العداء للشعب الايراني ولقومياته المتعددة ومذاهبه المتنوعة ، ومثلما لا نقبل التدخل الايراني في شؤون البلاد العربية الداخلية ، لا نقبل لأي منا أن يسمح لنفسه التدخل في شؤونها الداخلية ، أو الدفع بإتجاه إعلان العداء لأيران ، أو الانحياز للمعارضة الايرانية ، ولذلك من رأى في نفسه الخصومة مع السياسة الرسمية الايرانية والانحياز لمعارضتها والمشاركة في مؤتمرها فهذا حقه ولكنه لا يملك الحق ، إطلاقاً في التحدث بإسم الاردنيين أو الفلسطينيين أو العرب ، خاصة حينما تكون هذه المشاركة من قبل البعض ، والتعبير عنها كتابة أو رأياً أو موقفاً مدفوع الاجر ، لمن يدفع ثمن هذه السياسة ، وهذه المشاركة ، وهذا الانحياز ، فالمس بالمصالح يسبب الوجع والمتاعب لبلادنا وأمننا ، كما يجب أن يفهم الايرانيون ، أن ذلك يسبب الوجع والتوتر لهم .
نختلف مع السياسة الرسمية الايرانية لسببين :
أولهما : لأنها تفتقد في تعاملها الداخلي مع القوميات أو المذاهب لروح العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، أن يكون السنة مثل الشيعة ، والعرب والكرد مثل الفرس ، وهكذا لا نقبل التمييز ، لأن إمتدادنا في داخلهم وإمتدادهم في داخلنا ، مثلما لدينا تعددية عرقية ودينية ومذهبية ، لديهم ما هو لدينا ، لدينا الشيعة كما السنة ، ولدينا الكرد كما العرب ، ولدينا المسلمين كما المسيحيين ، ولديهم ما لدينا ، والعمل أو اللعب في أحشاء بعضنا ، لن يوفر ظروف الثقة والعيش المشترك وحُسن الجوار بينا وبين الايرانيين ، فحقائق الجغرافيا لا يمكن إزالتها أو تغيرها والتدخل الديني والمذهبي والقومي بيننا كعناوين عابرة للحدود لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها أو التغاضي عن تأثيرها .
وثانيهما : أن إيران تستعمل أحزاب ولاية الفقيه وإمتداداتها العربية ، ويتم توظيفهم في خدمة مصالح الدولة الايرانية وسياساتها وبرامجها الاحادية ، ونحن إذ نحترم القوميات غير العربية التي تعيش معنا وتشاركنا المواطنة ، لا فرق بيننا وبينهم سواء كانوا من الكرد أو الامازيغ أو من الافارقة أو شركس أو أرمن أو غيرهم ، بنفس القيمة والمعيار نطالب الاخرين وخاصة الدول المجاورة لنا تركيا وإيران وأثيوبيا ، معاملة القوميات والمذاهب التي تعيش عندهم ومعهم كمواطنين ، بنفس القيمة والمعيار ومكانة المواطنة لكافة المواطنين على السواء ، لا فرق بين قومية وقومية ، وبين دين ودين ، وبين مذهب ومذهب .
لقد سبق لمجاهدي خلق وأن دعوني عدة مرات لمؤتمر باريس الدوري ، ولبيت دعواتهم ، وإلتقيت غير مرة بالرئيسة مريم رجوي التي أكن لها كل التقدير والاحترام لشخصها وزوجها وعائلتها ولشعبها ولحركتها السياسية ، وقد سبق وأن رجاني السفير الايراني في عمان محمد إيراني وهو إسمه الحقيقي أن لا ألبي دعوة المعارضة لحضور مؤتمر باريس ، ورفضت وخسرت صداقته ، ولذلك لا أحد يتوقع منا أن نكون مع سياسات ولاية الفقيه المحافظة ، مثلما لا نستطيع أن نكون في الخندق المتصادم مع المعارضة السياسية الايرانية ، ولكن ما يفرض علينا من موقف وسياسات هي الاحساس بالمسؤولية حتى ولو لم نكن في مواقع وظيفية مسؤولة ، أو في أي موقع رسمي ، بل مجرد الواحد منا مواطناً وصحفياً وكاتباً له رأي نكتبه ، ولدينا قضية قومية هي قضية شعب فلسطين ، نسعى من أجلها ، من أجل توسيع قواعد الدعم والاسناد لها ، من الايرانيين كما من الاتراك ومثلهم من الاثيوبيين ومن كل قومية أو دين أو بلد محيط بنا ، في مواجهة المشروع الإستعماري التوسعي الصهيوني الإسرائيلي .