المخدرات: كلام لا بدّ منه

يُحدّثني صديق أنّه شاهد بأم عينه شاباً يفتح علبة دواء، ويوزّع على أصدقائه حبوباً وكأنّها قطع حلوى، لتجد هذه طريقها إلى الالتهام الفوري، وحين سأل تمّ التأكيد له أنّها نوع من المخدرات، وقدّر لي أن ما لا يقلّ عن عشرين شاباً تناولوا تلك الحبوب، في لحظات.
كان ذلك في حفلة عرس، تميّزت في بدايتها بالهدوء، وسرعان ما هاجت وماجت ساحة الدبكة، فانطلقت واختلطت الاغنيات الشبيهة بالصراخ، وكان واضحاً أنّ الحبوب أعطت مفعولها الفوري وبدت النشوة واضحة على عيون وتصرفات الشباب.
وبقليل من الخيال، يمكننا توقّع أنّ الأمر يتكرر في الكثير من الحفلات والمجالس وأماكن تجمّع الشباب في الشوارع، لتبدو المسألة وكأنّها سرّ مُعلن، يعرفه الجميع، ولكنّهم يقفون عاجزين عن إفشائه والتعامل معه باعتباره كارثة حقيقية.
ولم تعد أخبار المخدرات في الأردن تقتصر على ضبط مجموعة شباب دسّوا الحشيش في سجائرهم، بل تطورت لتصبح خبراً يومياً عن ضبط ملايين الحبوب المهرّبة، أو عشرات الدونمات المزروعة بالماريغوانا، ومئات آلاف الأشتال الجاهزة للزراعة، أو حتى مداهمة مصانع متخصصة في صنع الحبوب.
وكما كتبنا غير مرّة، فوجه الأردن ومضمون مجتمعه يتغيّران بتسارع عجيب، حيث أزمات المنطقة جاءت لنا بملايين المهجّرين، ومعهم ما معهم من سلبيات مجتمعاتهم، ومنها المخدرات، ولم يعد كافياً التعامل مع الأمر بالأسلوب الأمني التقليدي، الذي نعرف أنّه يعمل ليل نهار، ويحقق النجاحات الكبيرة، ولكنّ كلّ ذلك يحتاج إلى دعم مجتمعي أكبر، وليس سرّاً، أبداً، أنّ الأمر تجاوز المدن الكبرى ليصل إلى القرى الأردنية، خصوصاً مع ما يقال عن رخص أسعارها.
بعد هذا كلّه، أليس من حقّنا أن نتساءل عن علاقة المسألة بأنواع الجرائم الغريبة عنّا، وعمليات الانتحار والقتل والشجارات الجماعية المنتشرة في أنحاء البلاد كالنار في الهشيم؟