علموهم لمن يكون الولاء ياحكـــــــــــومه

 

 

في زمنٍ يسرق فيه قوت الفقراء ويسلبهم حقهم في الحياه ويسرق فيه الارض والممتلكات والحب والاستقرار الماء و الكهرباء كبار القوم, ويقفون في الصفوف الأمامية في الصلاة وعلى المنصة الرئيسية وفي كلّ الولائم التي تليق بالكبار دون أن يهتزوا لحظة لسؤالٍ عابرٍ : هل صحيحٌ ماقيل؟‏

في زمنٍ تمعن فيه الحكومات تهميشا للفقراء في أشدّ حالات مرضهم بؤساً وإثارة للشَّفقة وإحساساً بالهلع تجاه المصير البشريّ الذي يتحطم فيه العقل وينهار الجسد وتتلاشى الحواس والإحساس وتتوسع قواعد البطاله والفساد والترهل والانفاق الغير مبرر  بحجة الامكانات والاوضاع  وهم يعينون كل يوم ماراتبه يوزي رواتب عشرة اوعشرين ممن اصطفوا امام ديوان الخدمة اوحفيت ارجلهم  وراء نائب ,

وكبارا القوم  يُفاخرون بما جمعوا و شادوا وبأنواع الرُّخام الأبيض والملوّن الذي يزيّن القاعاتِ دون أن يسألوا أنفسهم أو يخافوا من السؤال ذاتهِ: إذا لم يكن لاحتضانِ الحالاتِ المستعصية فلمن هذا؟ لمن كلُّ هذا

نحن أمام مرحلة جديدة أنتجها مخاض صعب ومؤلم.  كل المراحل المضيئة في التاريخ جاءت بعد وضع مرير. نحن أمام مرحلة لا مجال فيها للتراخي، أو

لممارسة السلوكيات التي كانت تمارس من قبل مرحلة تفرض على الجميع مهمات جديدة، ورؤى جديدة، وفعلاً جديداً، وصوتاً جديداً يصدره العقل وينجزه الفعل انطلاقاً من حالة الانتماء الصحيحة للوطن، يتجاوز الأنا المثقلة بالأمراض الاجتماعية.. فلا يهم المواطن  اليوم، من تسلم تلك الوزارة، ومن أي محافظة هو، وعلى أي شريحة اجتماعية أو مذهبية أو سياسية،

 

 ما يهم المواطن ما فعل هذا الوزير، وهذا المدير، ويجب ألا يكون الأمر غير ذلك. في الماضي كان يخرج من المدينة الواحدة عدّة وزراء  كادت الأحداث الراهنة أن أكثر المدن تفجراً هي المدن التي كانت محسودة بعدد مسؤوليها لأنه لا لم يعملوا إلا لأنفسهم، وتناسوا الناس في مناطقهم وفي غيرها، فكان ما كان.لا يهمّ اسم المحافظ الجديد في اربد اوالزرقا اليوم، ومن أي بلد كان، من أي لون طائفي ومذهبي وأثني هو ما يهمهم فعله، وقدرته على تنفيذ مهمته، ومدى وعيه وتفاعله مع المواطنين ومدى تطبيقه للقوانين والأنظمة على الجميع، وقدرته على تجاوز هؤلاء المتنفذين الذين اعتبروا أنفسهم في مرحلة ما الطريق إلى جنة النظام، وتفاعله مع الجهات المسؤولة في المحافظة، ومشاركتها في الحوار والنقاش ووضع الخطط، وقدرته على تقبل النقد، وعلى مكافحة الفساد والفاسدين في كل مراكز العمل، وابتعاده عن محاباة هذا على حساب ذاك، وتحقيق تنمية شاملة في كل الأماكن والانتصار للضعفاء، الانحياز للفقراء.

 المهم هي أن يعمل  على الانتصار للضعفاء في الشارع وفي دوائر الدولة، ومحاربة الفساد والترهل والهدر، والاتيان بمدراء فاعلين وقادرين على العمل والتعامل، مع الاستحقاقات القادمة،  ويحميه ويبنيه هم الشرفاء القادرون على العطاء،

. في هذه المرحلة كنا بحاجة إلى صيحة يتسلم فيها الجميع في منظومة عمل تدافع عن الوطن وليس بشكل فردي غير منظم، فلماذا لا نعترف أننا قصرنا، وأن هذا التقصير كان سبباً في كل الأمراض التي واجهتنا

كثيرين لبسوا عباءة العمل الحكومي أفسدوا وصنعوا بفسادهم جسور للسلاح والدماء وخراب الوطن. ليس الانتماء للوطن  هواية مترفة ولا قميصاً نلبسه ونخلعه، فهو مهمة ومسؤولية

نعم ما من أحدٍ على هذه الأرض إلا ويعلم ما لهُ وما عليه. وتجاهلُ بعض الناس لما عليهم لايعني عدم معرفتهم به لكن أنانيتهمْ المفرطة تحجبهم عن رؤية الواقع وقول الصدق وشهادة الحق, وتدفعهم إلى ارتكابات أخلاقية لا تليقُ بإنسانيتهم ولا تنسجمُ مع أدبيات المجتمع الذي يعيشون فيه, والأنانيةُ كما هو معلوم للجميع, مرضٌ عضال يصيبُ العقل البشري فيشله عن التفكير, ويعميه, ويصمهُ, لأنَّه يعطل كل الأحاسيس والحواس المساعدة للعقل في تكوين صورة واضحة عن دقائق الأمور وحقائقها مما يحدث خللاً فظيعاً في ميزانه الدقيق فترجح كفة "الأنا الفردية" على "الأنا الجماعية" وينحرف السلوك وتتصدع القيم وتنحدر المفاهيم لتغوص في مستنقعات الرذيلة والفساد.

والغريب أن هذه "الأنا" المتضخمة عند بعض المعنيين بالشأن العام حلت محل الأنظمة والقوانين والأعراف فأصبحت مصدراً للأحكام والتشريعات في الدوائر والمؤسسات التي يرأسها هؤلاء المصابون بعقدة "الأنا" ولما كانت الرقابة الفعلية على صحة الأداء وسلامته والمسائله والمحاسبة خير علاج لهذا المرض الخطير فإننا نتمنى على الجهات ذات الاختصاص في حكومتنا الرشيدة أن تأخذ دورها العلاجي وتمتطي صهوة العمل الجاد بدلاً من حالة الاسترخاء التي استساغت طعمها بالرغم من مرارته التي يشعر بها المواطنالذي يكتوي بنارها التي يتدفا عليها البعض .‏

إذ لا يعقل ولا بأي حال من الأحوال غياب هذا الدور المنوط بها واستسلامها أحياناً لمزاجية وغطرسة المرضى بداء الغرور وحب السيطرة ولدهاء الذين يلتفون على القانون بأساليب ملتوية خدمة لمصالحهم الضيقة ونزعاتهم غير المشروعة في تسخير المؤسسات لأهوائهم ومنافعهم التي أصبحت تشكل عائقاً أمام النهوض المؤسساتي والتطوير الإداري الذي تسعى إليه الدولة بكل طاقاتها.‏

كما نتمنى أن يكون انتماء الموظف لمؤسسته لالوزيره اومديره  وأن يفضلوا مصلحتها على مصلحته لأن مصلحة الجميع في تطهير مؤسساتنا من الفساد والمفسدين, وسيادة القانون ودعم المخلصين والشرفاء فيها.

pressziad@yahoo.com