نحاول في العيد أن ننسى
ولما كانت الأعياد خاصية تمتاز بها الأمم قاطبة في كل العالم ، تُظهر من خلالها مدى التماسك الثقافي والقيمي والمجتمعي ، معبرة عن اعتزازها بدينها وتاريخها وتراثها ، أيا كان ذلك الدين والتاريخ والتراث ، فإن العيد عند العرب عيدٌ وما أدراك ما العيد .
كم من عيد مرّ على الأمة وهي تتوشح السواد ، كم من عيد وجبابرة الأرض يستضعفونها ويمنعون عنها الفرح ، كم من عيد مرّ على الأمة وما انفك الساسة واصحاب القرار في عالمنا والزنادقة من حولهم يصنعون الحرب تلو الحرب في عالمنا العربي بلدا تلو الآخر ، وبالرغم من كل المآسي التي تجول وتصول في كتير من بلادنا العربية ، فإننا نحاول أن نبتسم ، نحاول أن نرسم ابتسامة على شفاه أطفالنا الذين ينتظرون العيد بلهفة وشوق ، ويستقبلوه بكل فرح الطفولة وبراءتها ، نحاول أن نتناسى فلسطين وسوريا والعراق وليبيا والصومال واليمن وداعش وإرهابها ، نحاول أن نتناسى تلك الأرواح البريئة التي تصعد الى السماء كل يوم ، وكأنها ضريبة مفروضة على الإنسان العربي أينما كان ، نحاول في العيد أن نتناسى تدمير الثقافات والحضارات التي تعجّ بها بلادنا العربية ، والمتاحف الوطنية التي تحكي تاريخ أمم كان لها دور في ثقافة وحضارة بلادنا ، نحاول أن نتناسى تلك الأرواح البشرية التي تُزهق بين لحظة وأخرى ، نتيجة حزام ناسف في بيوت الله والمطارات والساحات العامة وكل مكان يكتظ فيه البشر ، بفعل إرهابي يفعل فعلته ويرجو الله أن يدخل الجنة ، نحاول أن نحبس في داخلنا كل ألم وحسرة على أمتنا ، حتى نبقي الابتسامة على شفاه أطفالنا ويبقى الفرح يملأ وجوههم ، سنبتسم ليبتسم الصغار لأنه عيد الله ، سنبتسم لنوَلّد فيهم الأمل بالمستقبل ، سنبتسم أمام الصغار حتى لا يتسرب اليأس الى نفوسهم فنفقد بذلك أملا وحلما نرجوه أن يكبر معهم ، والأمل مهارة تربوية يتلقاها الصغار من الكبار منذ نعومة الأظفار ، ولكننا لا ننسى أن نعلمهم أن يترحموا على شهداء الأمة ، لا ننسى أن نخبرهم أن هناك صغارا قرناء لهم قد دفعوا حياتهم ضريبة تشرذم الكبار واختلاف مصالحهم وفقدانهم لكل القيم الإنسانية ، ضريبة يدفعها الإنسان طفلا كان او امرأة ، كهلا كان او شابا في مقتبل العمر ، نفرح بالعيد ليفرح الصغار ونعلمهم أن يوم العيد يوم السلام والتكافل والمحبة والمودة ، وهو يوم الزينة والإخاء والرجاء ، ويوم يقول فيه الجميع للجميع كل عام وانتم بخير ...