محمد علاونه يكتب : الانضمام إلى الخليج.. من المبكر التفاؤل

 

 

 

من الناحية العملية يبدو انضمام البلاد لمجلس التعاون الخليجي بجانب المغرب يحتاج إلى مزيد من الدراسة المعمقة، وهو ما طلبته كل من سلطنة عُمان وقطر والكويت، مع وجود تحفظات لدى دول أخرى وانعدام الرؤية الواضحة لدينا ما هو شكل ذلك الانضمام ونتائجه.

نفهم أن تقلبات المنطقة وحالة عدم الاستقرار التي تعيشها الأنظمة بتحركات شعبية غير مسبوقة تدفع إلى بلورة أفكار والتعاطي مع معطيات في بعض الأحيان تكون خيالية، بسبب أحداث مفاجئة وغير متوقعة.

ضمنيا، من المؤكد أن دول الخليج تحتاج إلى طوق أمني داخلي يعيد حالة توازن إلى مجتمعاتها التي شهدت انشقاقات بينها وبين نفسها وانشقاقات أخرى مع أنظمتها. في المقابل يحتاج بلد كالأردن أن يعلق شيئا من أزمته الاقتصادية على شماعة صنعت في دول الخليج أم في الجانب الغربي.

هنالك استحقاقات سياسية واقتصادية واجتماعية في حال حمل المشروع صيغة التنفيذ في الوقت القريب، ففي الجانب الأول هنالك تقارب بين الحريات السياسية والثقافية وإبداء الرأي ومنظومة المؤسسات بيننا وبين معظم تلك الدول.

أما الجانب الاجتماعي، فقد نشأ كثير من أهل بلدنا في دول خليجية ومارسوا مهنا متعددة، والآن ما زال هنالك الكثير رغم عودة الآلاف بعد حرب الخليج، لكن هل بقيت مفاهيم المجتمعات الخليجية على حالها خلال العشرة الأعوام الماضية؟ وهل بقي الأردنيون ينظرون إلى تلك الدول كمناخ آمن ومستقر كما كانت في الثمانينيات؟.

أما الشأن الاقتصادي، فيبدو أن المسؤولين لدينا يعطونه أولوية مع وجود عجز موازنة مزمن وشح في إمدادات النفط والغاز، يرافقه ارتفاع في أسعار السلع؛ ما يستدعي تقديم مزيد من الدعم، داخليا والبحث عن طوق نجاة خارجيا.

أخيرا، وهو المهم، رغم أنه لا يطرح في هذه المرحلة يتعلق بالعمق العربي- العربي، فمن باب أولى أن لا يأخذ الطرح على أساس مصالح ضيقة تحركها تقلبات المنطقة، بل أن تكون الفكرة في سياق تعاون عربي وتشكيل تكتل سياسي اقتصادي يتعامل مع الخارج لا مع المنطقة من الداخل.

دول الخليج قبل تلك التحركات الشعبية لم تستطع أن تصدر عملة موحدة بالرغم من أنها تملك الإرادة لذلك، ودول الخليج تلك من وضعت عوائق وشروطا معقدة أمام رجال الأعمال من الدول الشقيقة وحتى على مستوى الزيارات السياحية والاجتماعية.

الأهم من ذلك كله أن لا يأخذ المقترح وابلا من التفاؤل ليصار إلى اعتماد الفكرة بحد ذاتها بديلا لدى المسؤولين لدينا، ويغفلون عن معالجة الاختلال الحقيقي في بلادنا بما يتعلق بالاستراتيجيات والخط والسياسات الاقتصادية والاجتماعية وكأن "طاقة الفرج فتحت".