عين على الأمن !


 

لست أدري ما هي عدد المرات التي أدان الناطق الرسمي باسم الحكومة فيها عمليات إرهابية وقعت خلال شهر حزيران الماضي في أنحاء مختلفة من العالم ، أظنها كثيرة ، ولكن كانت هناك أيضا عدة حوادث إجرامية أخرى لم تصنف ضمن الإرهاب ، مثلما وقع نهاية الأسبوع الماضي في صربيا.
نحن كذلك منينا بعمليتين إرهابيتين ، وبعدة حوادث مؤسفة من بينها وفاة محاميين حرقا ولو كنا نعتبر حوادث السير نوعا من أنواع الجرائم لكانت قائمة ضحايا الإجرام بكل أصنافه طويلة ومؤلمة ، ولأننا نعيش في منطقة صار فيها انعدام الأمن ، وما ينتج عنه من تخريب وتدمير وقتل ، شكلا من أشكال الحياة اليومية التي يتعايش معها الناس كما هو الحال في سوريا والعراق ولبنان وليبيا واليمن، ويمارسون أعمالهم وهم يحلمون بالأمن والأمان.
نحن في الأردن نعيش الأمن والأمان ولا نحلم به، ونمارس حياتنا العادية ليل نهار ، وفي داخلنا شعور بالطمأنينة مصدره الثقة بكفاءة وقدرة جيشنا وأجهزتنا الأمنية ، فليس هناك أي تفسير آخر لهذا الشعور ، خاصة وأننا نعلم علم اليقين ، وبالتجربة العملية والتضحيات المشهودة بالزمان والمكان والأسماء ، أن بلدنا مستهدف من المنظمات الإرهابية ، ولم لا من جهات تحاول تغيير خارطة المنطقة في وضح النهار.
جميع هذه الجهات تستخدم أساليب جهنمية لزعزعة الاستقرار في أي مكان وأي زمان، وأدواتها من أجل ذلك كثيرة ، من بينها هز الثقة بالأجهزة التي تحافظ على الأمن ، وتشويه صورة القائمين على الوضع من خلال اختراق هنا ، وشائعات هناك ، ولأن لتلك الأجهزة خصوصيتها فقد تجد من المناسب عدم الرد بالنفي أو التوضيح ، معتمدة في ذلك على ذكاء ووعي الناس الذين يشعرون بالأمان ، ويعرفون مصدر ذلك الشعور.
ما أكثر ما تعرضنا في بلدنا الأردن لهذا النوع من التشويه ، وكان مآله الفشل دائما ، ذلك أن الأردن حالة فريدة لم يفهمها المتآمرون علينا ، وهي أن طبيعة النظام في بلدنا تعمل بدون حواجز بين جلالة الملك والسلطات الثلاث والمؤسسات التابعة لها والشعب وأبسط دليل هو أن الأردنيين يعتبرون أجهزة الأمن مؤسسات يعمل فيها أبناؤهم ، وهم مستعدون للتضحية بأرواحهم ، أي أن تلك المؤسسات بنيت على أساس أنها من أجل الوطن والشعب ، وليس على الشعب وضده كما هو ظاهر في تلك الدول التي تساقطت أنظمتها الواحد تلو الآخر.
لقد تعرضت جميع أجهزتنا العسكرية والأمنية بصورة أو أخرى لمحاولة تشويه ، بهدف إحداث خلل في منظومة الدولة ، ومن الخطأ الاعتقاد أننا لم نكن نكترث بهذا النوع من الحملات المخططة في نطاق عناوين إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط ، فدائرة المخابرات العامة مثلا معنية بدراسة وتحليل تلك الظواهر ، ووضع الخطط المناسبة للتصدي لها ، ولكن هنالك واجب تتحمل مسؤوليته الفعاليات الوطنية ، وفي مقدمتهم الأعيان والنواب والكتاب ورؤساء الأحزاب وغيرهم ممن تتاح لهم فرص التواصل مع الناس ، من أجل تمتين جبهتنا الداخلية ، وتعزيز الثقة بأبنائنا ومؤسساتنا الأمنية ، لأنها قاعدة حصننا الحصين.