نريد أفعالا لا أقوالا

في الوقت الذي تستعد فيه دول العالم بالتحضير لمفاجآت متشابكة سياسيا واقتصاديا، تنشغل وزيرة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مجد شويكة بسؤال مسؤولين في وزارة الصحة عن توفير خدمات تأمين صحي الكتروني، إذ تبين أن عرس البطاقة الذكية لن يكتمل بسبب عدم وجود نظام حوسبة لدى المستشفيات والمراكز الصحية.
ذلك مثال بسيط على عشرات الحالات التي تشكل عائقا أمام عمل أي حكومة، وليس تلك التي تخص هاني الملقي فقط والتي بدأت سباقا ماراثونيا في العلاقات العامة تطلب من هذا وتوعز إلى ذاك، متناسية أن زمن الاستراتيجيات والخطط قد ولى، والعبرة تكمن في التنفيذ فقط، وبخاصة في هذا الوقت الحرج.
لن نخوض في تفاصيل ما سيحدث أو ما يحدث حاليا على أرض الواقع، فابن الشارع يعلم التفاصيل الداخلية والخارجية، وهو معني بالدرجة الأولى بما يواجه حاليا وما يخبئ له مستقبله، على الأقل تلك مبدئيات العيش البسيطة يتمتع بها الخلق كافة، فالشجر ينكفئ عند الاحتباس المطري.
الوزيرة التي بذلت مجهودا إضافيا في هذه الحكومة وغيرها من مواقع مختلفة لا حول ولا قوة لها في حال بقيت البنية التحتية على حالها، كذلك فشل عشرات المسؤولين لأسباب لا تعنيهم، وسترافقهم الاستفسارات حتى بعد ترك مناصبهم.
ولنتحدث بصراحة وبموضع سؤال: لماذا تم الاستعجال في إصدار البطاقة الذكية مع عدم وجود بنية تحتية حاضنة تشمل المؤسسات كافة ليصار إلى الاستفادة الحقيقية من هكذا مشروع؟ وماذا عن الخدمات الأخرى التي لم يتم إضافتها بعد مثل تطبيق رخصة القيادة علما أن دائرة السير والأمن العام لديها النظام المناسب؟
ما ورد ليس إلا مقدمة بسيطة لتاريخ عمل الحكومات العابرة منها وغيرها، والحديث الأهم يكمن في تفاصيل المؤشرات الاقتصادية الرئيسة من دين عام وبطالة وفقر، مع التأكيد أن غالبية تلك الحكومات حظيت بفرصة التقليل من وطأة تلك المعضلات على الأقل عندما توفرت المساعدات التي تجاوزت المليارات ومن مصادر مختلفة.
معلوم أن الوضع الإقليمي مضطرب لدرجة الخطورة، ومعروف أن الأردن يعاني من عبء اللاجئين ولديه حسابات أمنية تفوق تلك التي تواجه الدول الأخرى، ذلك لا يعني مواصلة التخبط وتفق القول على العمل، علما أننا على موعد مع مساعدات سخية قريبا، بالتأكيد تزامنا مع تحولات جذرية ستشهدها المنطقة.
الخلاصة.. قد تكون تلك التحولات فرصة أخيرة للتخلص من أعباء تراكمت على مدار السنوات الماضية منها الدين المخيف والفقر والبطالة واشياء أخرى رفعت من وتيرة الاحباط والتوتر والقلق والتي أفضت بدورها إلى مزيد من جرائم القتل والسرقة والإرهاب، وألا تحرج وزيرة اتصالات كما حدث مع شويكة عندما نسأل عن استعداداتنا في ذلك الوقت فنجد الحال ما زال على ما هو عليه ونفقد الفرصة الأخيرة، كل عام والأردن بخير.