بترول رخيص ونتائج محدودة

تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة إلى أن تكاليف المعيشة المحسوبة على أسعار سلة المستهلك كانت في نيسان الماضي 16ر1% دون المستوى الذي كانت عليه في نفس الشهر من السنة الماضية.

تشير الأرقام أيضاً إلى أن التضخم الأساسي الذي جرى توليده من تفاعل العوامل الاقتصادية المحلية بلغ في نيسان الماضي 14ر2% فوق المستوى الذي كان عليه في نفس الشهر من السنة الماضية.

هذا يعني أن انخفاض أسعار المحروقات وتأثيره على كلفة النقل والإنارة والفعاليات الاقتصادية الأخرى كان من شأنه تخفيض التضخم بمقدار 3ر3 نقطة مئوية عما كان سيصل إليه ، وهي نسبة هامة.

المعتاد أن يكون الفرق بني التضخم الكلي والتضخم الاساسي بسيطاً فلماذا نجد أنه في الحالة الأردنية أدى إلى قلب النتيجة من 14ر2% إيجابي إلى 16ر1% سلبي.

يدل هذا الفرق الشاسع على أهمية الأسعار العالمية للبترول وانعكاسها على مستوى الأسعار الداخلية في الأردن. وبعد الانخفاض في كلفة فاتورة البترول الخام والمشتقات البترولية في العام الماضي فقد حدث انخفاض آخر في الربع الأول من هذه السنة يعادل 6ر23%.

فاتورة الطاقة التي كانت في 2013 تكلف أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي انخفضت في 2014 إلى 17% ، وفي 2015 إلى 7ر9% ، ومن المتوقع أن لا تكلف أكثر من 8% هذه السنة.

هذا توفير هائل يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي وكان يجب أن ُيحدث تغييراً كبيراً بالاتجاه الصحيح ، وفي المقدمة: ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ، وانخفاض عجز الموازنة العامة وبالتالي تباطؤ ارتفاع المديونية ، فلماذا لم يحدث شيء من هذا القبيل؟.

التأثير الإيجابي البارز هو – كما ذكرنا–انخفاض تكاليف المعيشة بمقدار 3ر3% عما كانت ستصل إليه لو ظل سعر البترول يتراوح بين 100-120 دولار للبرميل أي أن كل الفائدة ذهبت لصالح المستهلك.

هذه (النعمة) هبطت علينا من السماء دون أن يكون لنا فضل في تحقيقها ولكن لا يمكن الاطمئنان إلى استمرارها ، وها هو سعر البرميل يلامس 50 دولاراً بعد أن كان قبل أشهر في الثلاثينات.

كانت هناك خيارات أخرى أمام الحكومة لم تأخذ بها ، مثل تخفيض السعر المحلي بأقل من الانخفاض العالمي واسـتعمال الفرق إما كإيراد يقلل أو يغطي عجز الموازنة ، أو للإيداع في صندوق لتثبيت الأسعار المحلية وامتصاص التقلبات بالزيادة أو النقص ، لكن الحكومة أخذت بالخيار الشعبي وهو تخفيض الأسعار الآن ، وترك المستقبل ليعتني بنفسه.