ليل طويل

بين زهور البنفسج
بين الصخور المتشققة
بين أسمائه العصية على التلون
بين أحلامه المدرجة على دفتر البوح
بين النافذة والستارة القاتمة
بين الغيمة والرذاذ الرشيق على التراب
بين الألم واللهفة في انتظار الضوء
بين أوهامه واستغراقه في الكلام
كان يسقط عن شجرة
ويحلم أيضا
كأمير خارج للتو من جرف العتمة
قال للهواء: مرحبا
قال للعابرين على طرقات الليل: مرحبا
قال للمتعبين في مدينة الرماد: مرحبا
قال لأبيه الجالس هناك في الغيم: مرحبا
قال لأسلافه المتعبين من الحرب: مرحبا
كانت الكلمات تخونه
كان صوته بعيد وأسماؤه تتدحرج في الغياب
حين عاد من نهايته
رسم لها بيتا وزهورا ومركبة ضوئية
ابتسمت وتركته يحلم مرة أخرى
**
حين التمس لها عذرا لتنأى
انتبه إلى روحه الهائمة في الطرقات
وكتب على جدار مرتفع: مرحبا
**
لم تكن تلك مدينته
كان أصدقاؤه يلعبون مع الموت
كان ضغط الدم والسكر وآلام المعدة
وفواتير الماء والكهرباء والهاتف
والليل المشقوق إلى لعنتين وآخر الشهر
يسألهم عن أحلامهم
كان صغارهم يرتجفون من البرد ويسعلون
كان باعة الصحف يلعنون الإنترنت
كان سعاة البريد ضجرين من البطالة
كان المصابون بالكآبة يسرقون دواء جديدا للتفاؤل
كان الخائبون يضحكون على لحاهم
كان المتربصون يقبضون رواتبهم من صناديق القمامة
كان رعاة المرضى يهربون من المشافي
كان المجانين مخدرين في السجون
كان طلبة الجامعات يلعبون بالأسلحة
كان القانون يضحك على المتهمين
كان الليل طويلا جدا يا صديقي المرتجف
**
أكتفي هذه المرة بالكلمات
(سأقول: كم تدربت على استقبال الطعنة، كنت حريصا جدا وأنا أكافئ قلبي بالنبض، لم يخرج النصل من صدري، بقيت الكلمات في الظهر، والقتلة المأجورون ينامون ليلهم بهناءة).