شوارع عمان تودّع الذنيبات صانع ابتسامتها
اخبار البلد-
من آية الخوالدة: أجاد رقيب السير هزاع الذنيبات طوال فترة خدمته في تنظيم السير، قيادة اوركسترا من أمواج السيارات عبر حركات استعراضية بكل خفة ورشاقة متنقلا ما بين خطوط السير، ينظم حركة السيارات ويخفف من وطأة الأزمات المرورية في وقت الذروة، راسما بحركاته الرشيقة والسريعة الابتسامة على وجوه السائقين، فلُقب بأشهر شرطي سير في الأردن.
هزاع الذي بدأ مشواره عام 1966 شرطيا عاديا على إحدى الإشارات الضوئية التي تشهد اختناقا مروريا، كان يعتمد على ساعديه لتنظيم حركة السير والتقاطعات في الاتجاهات جميعها دون ملل، حيث أصبح يؤدي حركاته بطريقة تلقائية يستجيب لها السائقون ويتفاعلون معها سريعا دون أن يشعروا بوجود أزمة.
ولعل نظرة الإحساس بالمسؤولية والإخلاص للمهنة والوطن التي ارتسمت على جبين الذنيبات، هي ما غرست في قلوب الناس حبه، حيث كان وجوده في المناطق شديدة الازدحام كفيلا بمعالجة الوضع وطمأنة اصحاب المصالح من سائقين وركاب على وقتهم من الضياع هدرا، كما أصبح اسم هزاع مرادفا لعملية ضبط وتنظيم السير دون إرباك، وهنالك من كان يأتي إلى مكان عمله لرؤيته أثناء تنظيم السير والتقاط الصور التذكارية معه.
بعد 18 عاما من العمل الدؤوب أحيل الذنبيات إلى التقاعد، لكنه لم يتوان عن خدمة الوطن وممارسة المهنة التي أحبها فاستمر في تنظيم السير في محافظة الكرك، إلى أن طلب منه جهاز الأمن العام العودة الى العمل بعد 23 عاما من التقاعد بهدف تدريب رجال ونساء شرطة السير على كيفية التعامل مع العملية المرورية وإعطاء الإشارات بالأيدي على التقاطعات العامة.
في حديث لذنيبات عام 2007 وصف نفسه بلاعب كرة قدم انقطع عن اللعب لفترة طويلة ويتوق للعودة للخدمة في الميدان والمساعدة في تنظيم حركة السير التي أحبها منذ صغره، وأنه على استعداد للوقوف في أكثر الشوارع ازدحاما.
فيما وصفه رئيس جمعية أصدقاء الشرطة شاكر حداد بأنه مثال للشرطي المتشرب للمبادئ والقيم وحب الوطن. وأضاف حداد في حديثه لـ»القدس العربي» «تستقبلك الإشارة التي يقف عليها الذنيبات بكل حب ومودة، لا يشعر السائق بأي زحمة او تأخير، وخاصة في ظل الابتسامة المرسومة دائما على وجهه، رغم صعوبة الظروف التي يعمل بها تحت أشعة الشمس الحارقة أو خلال الأجواء الباردة، يتنقل بكل خفة ورشاقة بين خطوط السير التي تبعد عن بعضها الأخر ما يقارب 15 مترا».
وطالب شاكر بتخليد هذا الإخلاص والوفاء بتسمية التقاطع الموجود في حي المهاجرين باسمه لطول الوقت الذي عمل فيه هناك. ويذكر أن جمعية أصدقاء الشرطة والتي تأسست عام 1984 تهدف إلى تحقيق التواصل بين رجال الأمن العام والمواطنين، من خلال عقد مجموعة من المحاضرات المتعلقة بتنظيم السير والجريمة ومكافحة المخدرات وعمل الأمن العام.
ونعت مديرية الأمن العام ممثلة بإدارة السير المركزية الذنيبات، مشيرة الى أن الفقيد هو أحد أشهر رقباء السير في الأردن نظراً لخبرته الطويلة في العمل، وتميزه في مجال الإشارات المرورية اليدوية في تنظيم حركة السير والمركبات على الطرقات، حيث بات شخصية متميزة تجذب انتباه جميع الأردنيين والمقيمين في البلد.
ومن أطرف القصص والمواقف التي حصلت مع الذنيبات وتحدث عنها في إحدى المقابلات الصحافية، مرور الملك الحسين قادما باتجاه رأس العين وكان ينظم المرور على إشارة رأس العين وأوقف السير دون أن ينتبه إلى الموكب الملكي، وفي هذه اللحظة نزل أحد ضباط الحرس ليعلمه أن الملك في السيارة وفي هذه الأثناء قدمت سيارة إسعاف من مستشفى البشير الحكومي باتجاه جبل عمان فأعطى الأولوية لها، وكان سروره كبيرا لهذا التصرف الإنساني.
وأضاف الذنيبات «فتحت بعد ذلك الطريق أمام الموكب الملكي وعندما وصل الحسين رحمه الله أديت له التحية العسكرية وقال لي: شكلك تعبان من أزمة السير، فقلت له من يراك يا سيدنا تذهب همومه ويذهب تعبه فأنعم عليّ بهدية ملكية وأمر بترفيعي إلى رتبة رقيب حيث كنت برتبة عريف».
يذكر أن الذنيبات من مواليد 1942 والتحق بالخدمة في جهاز الأمن العام عام 1960 وأعيد للخدمة في عام 2007 وفاز بجائزة الملك عبد الله لتميز الأداء الحكومي والشفافية / فئة الموظف المتميز المساند في الدورة السادسة من الجائزة، واستمر على رأس عمله وبمستوى عال من النشاط والتميز حتى وافته المنية صباح أمس.

8 تعليقات
اللهم اغفرله وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار