البديل عن الفوضى المزيد من الديمقراطية

البديل عن الاستقرار، المزيد من الاستقرار، والبديل عن الفوضى المزيد من الديمقراطية ، والبديل عن إستئثار قوى الشد العكسي من المحافظين والرجعيين ونفوذهم ، توسيع قاعدة المشاركة عبر قانون إنتخاب ديمقراطي عصري ، وقائمة وطنية تعزز الهوية الاردنية الموحدة الجامعة بديلاً عن الجهوية الضيقة ، وإنتخابات نزيهة تفرز مجلس نواب كفؤ ، وحكومة برلمانية ذات مصداقية ، تقدم البرامج المهنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعكس تطلعات الاردنيين نحو العناوين الثلاثة التي تعكس حقوقهم وأمنهم وهي : 1- الاستقلال السياسي والاقتصادي ، و2- العدالة الاجتماعية و3- الديمقراطية .
وقد وصل الاردنيون لهذه القناعة لسببين هما :
أولاً : وعي الاردنيين مع قواهم الحية من الوطنيين والقوميين واليساريين والإسلاميين والليبراليين ، بأهمية العامل الذاتي المحرك للأحداث ، وترابطه مع المعطيات الموضوعية السائدة ، فطالما أن القوى الحية المؤثرة في المجتمع الاردني ، والتي تتصرف بمسؤولية ليست قوية ، ومازالت تفتقد لزمام المبادرة وإنتخابات المجالس البلدية ومجالس النواب ، تدلل على ضعفها وعدم تماسكها ، ولم ترتق لقبول التعددية ، والفهم الجبهوي ، وغياب الادراك لأهمية التدرج والمرحلية ، تكون النتائج مازالت لمصلحة قوى الشد العكسي المحافظ ، ولمصلحة ما يواجهها من قوى متطرفة ، تتصرف بإنفعال طائش يعمل على الهدم ولا يتوسل البناء ، فيقف شعبنا ضد هذا وذاك ، ضد القوى المحافظة التي لا ترغب بالاصلاح ولا تستجيب للتغير ، مثلما يقف ضد قوى التطرف والارهاب وما ينبثق عنهما من إدعاء بإمتلاك الحقيقة وأنهم وحدهم يمثلون الايمان والتقوى والاستقامة وغيرهم يفتقد لكل هذا .
وثانياً : التجارب المرة القاسية التخريبية التي عصفت بالعالم العربي في ليبيا وسوريا واليمن والعراق ومن قبلهم في الصومال الغائب ، بسبب شعارات غوغائية بدون توفير البديل الديمقراطي التعددي والتقاليد الحزبية البرلمانية التي تحتكم لنتائج صناديق الاقتراع .
ثمة ثلاثة مظاهر للتغيير في العالم العربي :
أولهما : كما حصل في مصر وغزة من قبل الإخوان المسلمين حيث سلطة الحزب الواحد وتفرده في مؤسسة صنع القرار ، مثل حزب حسني مبارك ، وحزب زين العابدين بن علي ، ولجان معمر القذافي الثورية ، وحزب علي عبد الله صالح ، بل وأسوأ منهما .
وثانيهما : كما حصل في ليبيا وسوريا والعراق واليمن ، ونتيجته التمزيق والفوضى والفشل والموت والخراب .
وثالثهما : ما حصل في تونس والمغرب من تطور إيجابي في بنية النظام ، الاول جمهوري والثاني ملكي ، وكلاهما شكل تحولا نوعيا تدريجيا ومحطة على الطريق المتقدم نحو إقامة النظام الديمقراطي والاحتكام إلى صناديق الاقتراع والاقرار بالتعددية وتداول السلطة ، وهو ما نبحث عنه ونستصيغه ونسعى له .
المطلوب تطوير النظام ، المطلوب الحفاظ عليه وليس تخريبه ، المطلوب توسيع قاعدة الشراكة وليس تمزيقها وتقزيمها أو التحكم فيها ، ولذلك يقع خيار الاردنيين وتمسكهم بالنظام " النيابي الملكي " الدستوري والعمل على تطويره وتقدمه .
رفع وتيرة النقاش ، ومطالبة الاردنيين بحقوقهم ، وشيوع الاجتهاد مع إحترام الاخر والاقرار بالتعددية وقيم الاحتجاجات المدنية السلمية ، مظاهر صحية ضرورية مطلوبة بديلاً عن الفوضى والتخريب وتدمير الذات ، فالذين ينتحرون يتسمون بالشجاعة ، ولكن أفعالهم حصيلتها الموت ، وشعبنا يتوسل الاحتجاج المفضي إلى الاصلاح والتغيير وحفظ الحياة وكرامة الانسان وحقوق المواطن على أساس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، ولا يسعى نحو الفوضى والصدامات وتدمير الذات .