مصالحة تركيا، والشاهد: حماس!


حسبما قرأت، في غير مكان، ينص اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل على ما يلي:
- اعادة تطبيع العلاقات بين تركيا واسرائيل بما يشمل اعادة السفراء وزيارات الصداقة والعمل المشترك كتفا الى كتف امام المنظمات الدولية والتبادل الامني والاستخباري .
- تدفع اسرائيل 20 مليون دولار كتعويض لشهداء وجرحى سفينة مرمرة ، وبالمقابل تتوقف تركيا عن القضايا المرفوعة ضد ضباط وجنود اسرائيل في المحاكم الدولية وفي محاكم اسطنبول ايضا .
- تراجع الاتراك عن طلب رفع الحصار عن غزة ، وبالمقابل تسمح اسرائيل بنقل بضائع تركية الى قطاع غزة عن طريق ميناء اسدود باشراف أمني اسرائيلي ومقابل ذلك تتعهد تركيا بمنع اية نشاطات من تنظيم حماس ضد اسرائيل على الاراضي التركية .
- وعد امني تركي ان تتدخل المخابرات التركية لدى حماس ، لاستعادة الاسرى وجثث الاسرائيليين الى اسرائيل .
- البدء رسميا بالاتصالات اللازمة لمد خطوط الغاز من اسرائيل الى اوروبا عبر الاراضي التركية وان تشتري تركيا الغاز الاسرائيلي ( بعد الازمة بين روسيا وتركيا ) وان تبيعه الى اوروبا .(القصة الكبرى هنا، في النقطة الأخيرة، بعد الخلاف التركي الروسي!)
مبدئيا، أنا مثلا، وملايين غيري، ضد اي تطبيع للعلاقات مع كيان دموي غاصب، له سجل ضخم من الإجرام، والاحتلال، والتنكيل بشعبنا الفلسطيني، وبيع أدوات الموت والمرتزقة لكل من يطلبها في العالم، خاصة لقتلة شعوبهم، من الدكتاتوريات الصغيرة، كين خارج عن قانون البشر ككيان العدو الصهيوني، في عرفي واعتقادي، غير جدير بالحياة، ولا باتفاقات ولا تطبيع، ولا أي نوع من أنواع التعايش معه، ولكن...
يبدو أن بعض العرب سواء منهم الطيبين، أو المتربصين، كانوا ينتظرون أن تقوم بتركيا بتحرير فلسطين، نيابة عن نظام رسمي عربي، وينسون في لحظة ما أن ثمة مصالح للدولة، أي دولة تتقدم على ما سواها، فتركيا أولا، فعلا لا قولا فقط، وثمة مصالح عليا لها تتقدم على كل شيء، ومع هذا وذاك، حاولت تركيا، بعد أخذ مصالحها الاستراتيجية بعين الاعتبار، أخذ «خاطر» لكلامها السابق في ملف غزة، ورفع الحصار، والحفاظ على الحد الأدنى من التزامها بدعم فلسطين، وقضيتها، فأضفت على الاتفاق مسحة ما، لم تعجب كثيرا من المراقبين والمحللين الفلسطينيين، الذين لاحظوا أن تركيا أدارت ظهرها لفلسطين رام الله، وأعطت حركة حماس فرصة غير مسبوقة بمهر الاتفاق بشيء منها، فبدا الاتفاق وكأنه بشهادة حماس، حيث تم وضع خالد مشعل من قبل أردوغان شخصيا في صورة تفاصيل الاتفاق قبل إقراره، بما في ذلك، رفض تقليص حركة كوادر حماس في تركيا، أو غلق مكاتبهم، كما طلب نتنياهو، بل الالتزام بعدم القيام بعمليات عسكرية من اسطنبول، وهو شرط لا معنى له، بل يمكن لنتنياهو أن «يبيعه» إعلاميا، لمواجهة الحملة الضارية على الاتفاق في كيان العدو الصهيوني، حيث رأى فيه البعض «تنازلا» عما تعهد به نتنياهو لعائلات الأسرى الصهاينة لدى حماس، من حيث إدراج عودتهم ضمن الاتفاق..
الوجه «الآخر» للاتفاق، ما قاله النائب العربي في كنيست الصهاينة، أحمد الطيبي، تعقيبا على اتفاق تركيا اسرائيل : بالاضافة لضرورة التوجه لمحكمة جرائم الحرب ضد جنود الاحتلال من الضروري ان يسجل اخصائيو القانون في فلسطين السابقة التركية لتعويض الضحايا الذين سقطوا برصاص جيش الاحتلال، وهي نقطة جديرة بالاهتمام، في سياق المحاججة القضائية..
ومهما يكن من أمر، كنا نتمنى أن تحقق تلك الاتفاقات السرية التي تبرم بين النظام العربي الرسمي، وبين كيان العدو، ولو واحدا في المائة، مما يحققه اتفاق تركيا مع العدو، من منافع، لتركيا وغزة والطرف الثالث، رغم معارضتنا له بأكثر العبارات شدة!