جريدة الغد تكشف فضيحة انابيب مياه الديسي وتأكد بأن المواسير غير مطابقة للمواصفات

أخبار البلد - أكد مصدر مطلع في مشروع جر مياه الديسي أن حجم الأنابيب المعدنية المستخدمة لا يطابق الأحجام المنصوص عليها في الاتفاقية المبرمة بين الحكومة وشركة جاما التركية المنفذة للمشروع.    

وقال المصدر الذي رفض نشر اسمه، إن "العطاء الأساسي مع شركة جاما ينص على مد خط أنابيب معدنية (قابلة للتلحيم) من حوض الديسي إلى محطة الضخ عند جسر مادبا بعرض حجمه 74 إنشا، إلا أن الشركة المنفذة استخدمت أنابيب بعرض 66 إنشا، ما يعني أن هنالك تلاعبا في الأحجام، الأمر الذي سينعكس على الكلف المترتبة على ذلك"، على حد قول المصدر.

وأضاف المصدر في حديث لـ"الغد" أن "هذا الفرق في الأحجام سيؤثر سلبا على حجم كميات المياه المجرورة إلى محطة الضخ عند جسر مادبا، حيث ستتراجع إلى 60 مليون متر مكعب سنويا بدلا من 100 مليون متر مكعب سنويا بحسب الاتفاقية، ما يقلل حجم كميات المياه التي سيتم ضخها إلى خزاني أبوعلندا ودابوق، الأمر الذي سيؤثر سلبا على توزيع المياه إلى المشتركين".

وأشار المصدر أن "هذا الفرق في أحجام الأنابيب سيؤثر أيضا على حجم وسعة الأنابيب التي تصل بين محطة ضخ جسر مادبا وكل من خزاني أبو علندا ودابوق، حيث أن الاختلاف في أحجام الأنابيب وعدم تناسبها سيؤدي إلى حدوث اختلالات فنية ستظهر تبعاتها عند البدء بعملية الضخ".

ويهدف مشروع الديسي إلى تزويد العاصمة بمياه الشرب من خلال جر نحو 100 مليون متر مكعب من المياه، من 65 بئرا جوفية من حوض الديسي في الصحراء الأردنية إلى العاصمة عمّان عبر أنابيب بطول 325 كيلو مترا، على أن تتحمل الحكومة الأردنية 220 مليون دولار فقط من كلفة المشروع، فيما تحتفظ شركة "جاما" بحق تشغيله وإدارته على مدى 25 عاماً باقي الكلفة.

وقال رئيس قسم الفحوصات الميكانيكية بالجمعية العلمية الملكية أحمد الطراونة أنه "في حال وجود تلاعب بأحجام الأنابيب، فإن ذلك سينعكس على قدرة تحمل الأنابيب لضخ كميات كبيرة على مدار الساعة للوصول إلى الكمية المستهدفة من المياه سنويا والبالغة 100 مليون متر مكعب حسب الاتفاقية بين الحكومة وشركة جاما".

وأضاف الطراونة أنه "يجب التأكد أيضا من وسائل عزل الأنابيب وجودة تغليفها، بالإضافة إلى أساليب التلحيم بين الأنابيب، حيث أن هذا الحجم من الأنابيب بقطر 66 إنشا بحاجة إلى طريقة تلحيم معينة ودقيقة تختلف عن تلك المستخدمة في تلحيم أنابيب 74 إنشا، وذلك لضمان استمراريتها وعدم حدوث اختلالات فنية بمرور الوقت، وتفاديا لإهدار أموال إضافية على عمليات الصيانة والتجديد".

وأشار الطراونة إلى ضرورة "وجود طرف ثالث محايد للتأكد من مطابقة الأنابيب للمواصفات العالمية المعمول بها لضمان الجودة من مختلف الجوانب، ولا بد من نشر النتائج بصورة شفافة باعتبار أن هذا مشروع وطني يحق للمواطن الأردني الاطلاع على تفاصيله".

ولم تتمكن "الغد" من الحصول على إيضاحات بشأن المشروع من مدير مشروع الديسي بسام صالح رغم محاولاتها المتكررة للاتصال به. كما حاولت "الغد" الاتصال بعدد من الجهات المشرفة على المشروع إلا أن تكتم وتهرب المسؤولين من الإجابة أثار علامات استفهام عديدة.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة المياه والري عدنان الزعبي أنه "لا توجد لديه أي معلومات عن موضوع جر مياه الديسي"، مكتفيا بالقول "سيتم تسليم المشروع في الوقت المحدد من العام 2013".

وأضاف الزعبي أنه بالإمكان الحصول على كافة المعلومات الفنية من خلال الموقع الرسمي للوزارة إلا أن محاولة الدخول على أي من تفاصيل مشروع الديسي تواجه بطلب اسم مستخدم وكلمة مرور سرية لموظفي الوزارة حصريا ويتم تزويدها من قبل الوزارة فقط.

وفضل وزير المياه والري السابق حازم الناصر عدم التعليق على الموضوع لـ"عدم توفر معلومات تتعلق بمشروع جر مياه الديسي"، بحسب قوله.

بدورها، قامت المهندسة هدى الشيشاني من وزارة الأشغال العامة بتحويل الأسئلة المطروحة عن الأنابيب وأسعارها إلى وزارة المياه والري التي قالت إن المعلومات موجودة في الموقع الرسمي للوزارة والتي لا يمكن الولوج إليها إلا من خلال موظفي الوزارة.

وحسب التقارير الرسمية المنشورة على موقع وزارة المياه والري فإن من المتوقع أن يزداد الطلب على المياه للاستخدامات المنزلية والصناعية والسياحية خلال سنوات الخطة من 320 مليون متر مكعب في العام 2010 إلى 535 مليون متر مكعب في العام 2035.

يذكر أن مشروع جر مياه الديسي مقسم إلى ثلاثة أجزاء حسب الرواية الرسمية، من منطقة الآبار حتى المدورة، ومن محطة رفع المدورة حتى جسر المطار، ومن منطقة جسر المطار إلى خزاني دابوق وأبو علندا.

ورسا عطاء مشروع جر مياه الديسي على شركة "جاما انيرجي" التركية بتكلفة تبلغ  702 مليون دينار لتوفير 100 مليون متر مكعب سنويا، حيث يعد الأردن من أفقر عشر دول مائياً في العالم، إذ لا تتجاوز حصة الفرد 15 % من مستوى خط الفقر المائي الذي حددته المنظمات الدولية بـ1000 متر مكعب سنويا.