من منا بجرأة هذا الرجل ..؟

تنقصنا الجرأة والشجاعة الأدبية لنكون مثل هذا الرجل الكوري ..!
اقرأوا معي الخبر الآتي ، وقولوا لي من منا يجرؤ على الاعتراف بأنه أخطأ بتربية أبنائه الذين يكسرون قواعد السير ، ويخربون الممتلكات العامة في المدارس والجامعات والشوارع والمؤسسات والحافلات العامة ..؟ هذا الرجل الكوري رئيس شركة الخطوط الكورية الجنوبية ،
أخجله سلوك ابنته التي استقلت إحدى طائرات الشركة ، وأساءت التعامل مع إحدى مضيفات الشركة ، وتسببت بتأخير الرحلة لعشرين دقيقة ، وعندما علم والدها رئيس الشركة بالأمر ، عقد مؤتمرا صحفيا في مكان عام ، وأحضرها ورأسها منكس إلى الأرض ، واعتذر من الحضور قائلا :
- أعتذر جدا لأنني لم أحسن تربيتها تربية حسنة ، وأطلب منكم الصفح والغفران ...!
تريدون الحق ، فإن منظر الفتاة الجميلة وهي تطرق برأسها إلى الأرض خجلا من مواجهة الناس والصحافة ، منظر يستحق الاحترام ، لأنها خجلت من تشهير الأب بنفسه ، وإدانته لتربيته وليس لابنته وسلوكها ، مبينا أنه هو السبب في نمط تربيته ،هكذا يفكرون وهكذا يواجهون أخطاء الأبناء بتحميل أنفسهم نتائج السلوك الخاطئ ، والاعتراف بذلك بمواجهة الذات والناس والوطن في مؤتمر صحفي ..؟ فمن منا يصدق هذا ..؟
- من هو الأب الأردني الذي يقبل بأن يصدق بأن ابنه الذي تسبب بحادث سير هو المخطئ ..؟ لا بد وأن يؤكد للجيران والأهل بأن الشرطي حمله المخالفة ..!
- من هي الأم الأردنية التي تقبل بأن تكون ابنتها هي المخطئة بحق معلمتها وليست المعلمة هي التي ( تبلتها ) ..؟
- من هي الأسرة التي تواجه خطيئة الابن بضرب معلمه ، أو بضرب الطبيب أو الممرض ..؟ أو ابن الجيران ..؟
- من هي العشيرة الأردنية التي تقبل فشل مرشحها في الانتخابات دون أن تنسب الفشل إلى تدخل الحكومة والتزوير في الصناديق ..؟
- ومن هي العائلة التي تتقبل أن رسوب الابن أو الابنة في التوجيهي نتيجة الضعف والانشغال بالخلوي والانترنت ، بل تعتقد جازمة بأنه نتيجة ضعف المعلمين ومدراء التربية ومدراء المدارس ..؟
ومن هو التاجر أو صاحب البسطة أو مالك المول الذي يعترف بأن المخالفات بحقه بسبب بيع المواد منتهية الصلاحية أو غش اللبنة والجبنة ، مخالفات حقيقية وليست كيدية ..؟ وبأن الشرطة تطارد أصحاب البسطات الفقراء المساكين وتنسى التجار الكبار والحيتان ..؟
بعد هذا السلوك الجريء من رئيس الشركة الكوري لا بد لنا من أن نتوقف عند كل هجمة تقوم بها العشائر الأردنية وتحمي أخطاء أفرادها ، وعلينا أن نحاسب الآباء قبل الأبناء على الخروقات الجنونية التي يقوم بها الأبناء الذين يشحطون بسياراتهم ويعتدون على حرمة الشوارع وأرواح الناس ، ولا بأس بأن تشير أصابع الاتهام للآباء والأمهات مباشرة أمام كل سلوك عدواني أو غير حضاري يرتكبه الابن أو الابنة ..وتعالوا نتصور لو أننا نطبق سلوك الكوري على أخطائنا ( عفوا على خطايانا ) بحق الوطن ، لقضينا السنوات كلها في مؤتمرات صحفية ..!
تعالوا نتعلم من الشعوب ، ولنعترف بجرأة بأخطاء تربيتنا ، لأن ما نراه اليوم من سلوكيات خاطئة ليس إلا ما قمنا بغرسه ، وهذا الوطن الطيب يستحق منا أن نواجهه بدرجة طيبته ، تعالوا نحبه بدرجة حبه لنا ، ولنرفع القبعات لهذا الأب الكوري الذي يستحق التقليد في العالم كله .