بالتأكيد أنَّ هذا «الأزعر» القاتل الذي أطلق النار على عضو (البرلمان) البريطاني عن حزب العمال جو كوكس ثم أكمل عليها بطعنات خنجر وهو يصرخ:»بريطانيا للبريطانيين» إلى أن فارقت الحياة لا يعرف أنَّ:»المملكة المتحدة» كانت قد رُفضت عضويتها في نهايات خمسينات القرن الماضي في السوق الأوروبية المشتركة وأن فرنسا تحفظت على إنضمامها لاحقاً إلى صيغة ما أصبح الإتحاد الأوروبي.
إن المؤكد أن هذا القاتل الأزعر ينتمي إلى أصحاب الرؤوس الحليقة الذين ينضوون في ما يسمى :»الجبهة الوطنية» التي تضم حثالات الشباب العاطلين عن العمل أو العازفين عن العمل الذين دأبوا سابقاً ولاحقاً وحتى الآن على إستهداف من يعتبرونهم غرباء طارئين من أصحاب «السحنات» الملونة وحيث تعرض بعض هؤلاء خلال عشرات الأعوام إلى ما تعرضت له هذه النائب البريطاني عن حزب العمال وذنْبها أنها كانت تقود حملة في منطقتها لصالح بقاء بريطانيا عضواً في الإتحاد الأوروبي الذي أصيب بخلخلة كبيرة ولأسباب متعددة وكثيرة في الآونة الأخيرة.
ربما أنه من حق أي بريطاني أن يعبر عن وجهة نظره في هذه المسألة التي تعتبر مفصلية وهامة لكن أن تصل الأمور بأصحاب الرؤوس الحليقة الذين يعيشون على هامش مجتمعهم أن يتصدوا لإصحاب وجهات النظر المخالفة بالعنف والقوة وبالرصاص وأن يعتبروا قتل هذه السيدة التي تركت خلفها أطفالاً صغاراً إنجازاً وطنياًّ عنوانه :»بريطانيا للبريطانيين»!!.
نحن نعرف أنَّ بريطانيا ليس وحدها التي باتت تضيق ذرعاً بالزحف البشري من دول أوروبا الشرقية التي تمَّ ضمها للإتحاد الأوروبي من قبيل إغلاق الأبواب أمام الهجرة المتعاظمة من كل الدول الإفريقية الإسلامية وغير الإسلامية وأيضاً من العديد من الدول الآسيوية إلى كل الدول الأوروبية الغربية ولأسباب أقلها أن شوارع عواصم هذه الدول قد غدت تطفح بالمتسولين والمجرمين واللصوص مما جعل أن هناك مشكلة فعلية غدت بحاجة إلى حلول ناجعة وبالوسائل السلمية المجدية وليس بالمسدسات والسكاكين والعنف.
إنه لا إعتراض على شعار :»بريطانيا للبريطانيين» لكن بالتأكيد أن هذا «الأزعر» القاتل ومعه زملاؤه من ذوي الرؤوس الحليقة لا يعرف أنَّ هذه الـ»بريطانيا العظمى» كانت ذات يوم غير بعيد، بحسابات الزمن، تعتبر الولايات المتحدة وكندا والهند والعديد من الدول الأفريقية والآسيوية جزءاً منها ولذلك فإن الأفارقة السود.. ومعهم الهنود والباكستانيون الذين أوْصلوا أحَدَ كفاءاتهم إلى منصب عمدة لندن في الإنتخابات البلدية الأخيرة هم بريطانيون أكثر كثيراً من هذا المجرم الذي هو عاطل عن العمل ويعيش عالة على الموازنة البريطانية بالتأكيد وعلى دافعي الضرائب.
وحقيقة أن ما حصل مع عضو البرلمان البريطاني جو كوكس يجب أن يأخذه البريطانيون أصحاب القرار بمنتهى الجدية والمسؤولية فعندما تصل الأمور في هذه الدولة:»أُمُّ الديموقراطية» في الكرة الأرضية كلها فهذا يعني أنه طرأ خلل فعلي في المفاهيم والمعايير البريطانية مما يعني أن هذا الإجرام قد يصبح الوسيلة المتبعة لحل الخلافات حتى في القضايا السياسية ومما يعني أنه غير مستبعد أن يصبح أي «مُلَونٍ» غير آمن على حياته حتى في لندن التي كانت ولا تزال عاصمة العالم بأسره!!.