ثقافة المراجعة وأخلاقيات الاعتذار
نحتاج الى التَعلم من الدرس الالماني فنراجع ثقافتنا وسلوكنا وخطايانا واخطاءنا ونعتذر عن الاساءة لاي طرف او مكون اسقطناه من حسابات المواطنة وثقافتها سواء على اسس دينية او جغرافية او ديمغرافية، ونبدأ من المكون غير العربي في الدولة العربية واعني المكون الوطني المُقيم على هذه المنطقة الجغرافية وجرى التحالف معه تحت راية الاسلام وليس على قاعدة العروبة ( الاكراد والامازيغ )، فهذين المكونين مثلا انخرطا في الحضارة الاسلامية ودولتها وشكلت لغة القرآن الكريم حاضنة ثقافتهم وجزءا من وعيهم، لكنهم ليسوا عربا كما يقولون هم وكما قبلنا على قاعدة الاسلام الذي تكون المفاضلة فيه بين الافراد على قاعدة التقوى، وهي مرادف للواجبات في التعريف السياسي الحديث، فكانت قاعدة الحكم قابلة لان يكون كرديا هو الحاكم للمنطقة الشامية ومصر او يكون عربيا طالما انه يرفع راية الاسلام والمسلمين ويقود الامة للنصر والمفاضلة في الدولة او الوظيفة على قاعدة التقوى وليس على حسابات الاصل والمنبت .
عندما انتهت الامبراطورية الاسلامية وبدأت الدول تتشكل على اسس وطنية جغرافية، نجح العرب في انتاج الدولة القائمة على اسس حديثة ولكنها دولة عربية، فسقط شرط الوحدة مع الآخر او على الاقل تغير شرط الوحدة وكان واجبا اعلاء دولة المواطنة القائمة على المفاضلة بين مواطنيها من خلال التقوى / الوطنية الموحدة للجميع وليس على قاعدة القبيلة الحاكمة سواء كانت القبيلة عصبية او سياسية، بل وقفت الدولة العربية بقيادتها التابعة بواكير مرحلة تاسيس الدولة نهاية مرحلة الاستعمار المباشر ضد قيام الدولة الكردية مثلا وتحطمت امال الامازيغ في المغرب العربي بدولة، ورغم مسك الدولة بالمكونات الاجتماعية ودخول المكونات غير العربية في الدولة العربية الا ان السلطة العربية فشلت في انتاج تماسك المجتمع على قاعدة التقوى الوطنية ولجأت الى الامساك بالمجتمعات من خلال البوليسية وقمع الحرية، فكانت تجربة الربيع العربي تكرارا باهتا لظاهرة امساك الاتحاد السوفييتي لدوله التي انهارت مع اول بارقة تغيير كما انهار التماسك الاجتماعي والوطني في الدولة العربية بعد ضعف الدولة وانخفاض هيبتها .
الدولة الممسوكة قادرة على البقاء والاستمرار لكنها لن تكون قادرة على النجاح والتقدم، فالتماسك هو القادر على خلق الوطنية والدولة اما الامساك فهو ينتج دولة منزوعة الوطنية او مقسمة الوطنيات، لان الوطنية تعني في تلك الحالة الهوية الفرعية وقوتها ومقدار حصولها على مواقع ومكاسب داخل الدولة، بقي ان نملك ثقافة المراجعة وجرأة الاعتذار ونعلن عن اطلاق المواطنة لانتاج مجتمع متماسك، وللحديث بقية