المسؤولية الوطنية في تناول قضايا الفساد

يسجل على من يتناول قضايا الفساد بعموميات وقبل اصدار احكام نهائية على المشتبه بهم في التورط فيها امر غير محمود العواقب ويساهم في اغتيال شخصيات ورجال اعمال، ويشوه صورة الاردن الذي يسعى للارتقاء الى مصاف الدول المتقدمة، وان هذه الظاهرة التي انفجرت بشكل عشوائي وفي كثير من الاحيان ترقى الى ما يسمى» بالفوضى الخلاقة» تلحق اضرارا كبيرة بمتخذي القرارات في معظم ان لم نقل في كافة المؤسسات، وان متلقي الخدمات يجدون انفسهم في حيص بيص دون تقديم اية تفسيرات مقنعة.

 

ظاهرة الحديث عن الفساد وشبه الفساد المباشر وغير المباشر، ودخول من يعرف او لايعرف، ومن هو في القطاع الخاص ومن في القطاع العام، والفرق بين خدمات مشروعة وبين الامتيازات المعروفة وغير المعروفة الى غير ذلك من مفردات تحتاج لقواميس وقوانين وتشريعات للبت في هذا الكم من القضايا، هذا كله يضع الاردن واقتصاده المثقل بالتحديات والعجوزات في وضع لايحسد عليه حتى طال الاردن بكافة قطاعاته، وهذا الوضع يتطلب ضرورة اذكاء المسؤولية في تناول قضايا الفساد والاستناد الى القضاء صاحب الولاية في البت في ذلك بعيدا عن التهويم الذي نشهده بمرارة كبيرة.

 

هناك قناعة راسخة ان اطلاق العنان لمن يستطيع او لايستطيع وللمسؤول وغير المسؤول تناول قضايا الفساد هو بمثابة تحريض على القاطرة الاردنية التي تكافح للوصول الى محطة الامان والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وان الهدف الكبير وراء ذلك اعادة خلط الاوراق بين الفساد والمفسدين وزج اسماء وظاهرة كبيرة حتى تضيع «الطاسة» وهذا السلوك الخبيث هو بمثابة « حرب وقائية» يحرض عليها الفاسدون الحقيقيون، واننا كل في موقعه معني بالتصدي لهذه الفوضى، حيث تشهد بعض وسائل الاعلام حربا لانهاية لها حيث يستند المفسدون الى ضعف القدرة المهنية وتدني المسؤولية وعدم الالتزام بمعايير المهنة.

 

استغلال البعض لوسائل الاعلام يجب ان يتم تصويبها حيث ينحى مواطنون ومسؤولون من قطاعات مختلفة على بعض الاعلاميين لترويجهم معلومات غير مسندة ومازالت معظم ان لم نقل كافة قضايا الفساد التي عرضت امام الجهات المسؤولة في مقدمتها هيئة مكافحة الفساد لم يتم البت فيها قضائيا، وان اطلاق احكام مباشرة او غير مباشرة لايخدم الجهود الوطنية في مكافحة الفساد والمفسدين.

 

ان تناول اسماء وجهات بالفساد يتم الاساءة اليهم في مرحلة التحقيق، وفي حال تبرئتهم من التهم المنسوبة اليهم لهم الحق باللجوء الى القضاء لانصافهم ورد الاعتبار اليهم بما يحمله ذلك من اضرار ادبية ومادية، كما ان حق المجتمع والدولة الاردنية يصبح في هذه الحالة في مهب الريح.

 

مرة اخرى نقول ان الفساد آفة التنمية وان الاسوء من ذلك ان نتهم البعض دون الانتظار للبت في امرهم، والاعدل ان تبقى هذه القضايا طي الكتمان لحين وصول احكام قضائية قطعية... وان القاعدة القانونية والقضائية تؤكد .. ان المتهم بريء لحين ادانته وهذا هو الاساس.