داعش والمطبخ السياسي الأمني

تُثير عمليات داعش، وما يسمّى بالتنظيمات الجهادية، سؤالاً مهماً حول الزمان والمكان، وبالتالي عن الهدف الآني أو المستقبلي لها، فمن السذاجة النظر لها باعتبارها قراراً فردياً لشخص يناصر الدولة الإسلامية، وسنحت له الظروف بقتل مجموعة فقرر القيام بعملية كبيرة كانت أو صغيرة، باعتباره حصل مسبقاً وضمنياً على فتوى، وهذا ما صار يسمّى بـ”الذئب المنفرد”.
فهناك مطبخ سياسي أمني يوجّه، ورصد العمليات يؤكد ذلك، مثل اسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء، وقد حقّق هدفه تماماً من حيث ضرب السياحة المصرية في مقتل، والانتقام من الغارات الروسية في سوريا، ومثل العمليات في فرنسا التي أكسبتها في تقديرنا انصاراً جدداً باعتبارها "انتقمت من المسيئين للرسول”، ويمكن القياس على ذلك في العمليات الأخرى.
هذا التحليل يقودنا إلى فهم أنّ عملية القتل الجماعي في أورلاندو/ فلوريدا أتت خدمة لليمين الأميركي في معركته الانتخابية، ويتّفق الجميع على أنّ المستفيد الأول كان دونالد ترامب، وذلك بحثاً عن تورّط أميركي على الأرض في منطقتنا، وهو الهدف الذي لم يخفه اسامه بن لادن مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكان له ما أراد.
نخشى أن ما جرى في البقعة/ عين الباشا، كان في سياق تحقيق هدف إدخال البلاد في الفوضى، وإذا صحّت المعلومات المنشورة مسبقاً قبل قرار الادعاء العام وقف النشر، من حيث اتصال المرتكب بداعش وغيره من التنظيمات، فإنّ المكان والزمان والهدف خضعوا لدراسة مسبقة، ويبقى أنّ ذلك يحفّز الجميع على تفويت أي فُرصة مستقبلية لتكرار ما حدث، وتحصين الأردن من أيّ تداعيات قد تحصل لا سمح الله.