رمضان 2016

ينتظر المؤمن المخلص لربه ودينه القريب بعبادته إلى الله سبحانه وتعالى ،ينتظر الشهر بقلب خاشع ليقوم به على أكمل وجه من عبادة وطاعة وتلاوة للقرآن وصلة للأرحام وبر وعمل الخيروالتسامح بحق من أخطأ بحقه حتى ولو كان قاصدا ذلك، إضافة لما يتخلله هذا الشهر من روحانيات تضفي على يومه همة ونشاطا وراحة وطمأنينة وسكينة وراحة بال .
إن الإسلام أمرنا بالصبر ، وأمرنا بالتسامح والتراحم، وعدم الغضب، وعدم التهور والإندفاع والطيش، وعدم التعجل في إتخاذ القرار، لكن ما يحز في النفس أن نرى في رمضان ما يحدث ويجري لهو أمر عجيب تشيب لهوله الولدان من كثرة المشاجرات والمشاحنات والقتل.
ففي رمضان من كل عام وفي هذا البلد الطيب تبدو النفوس القميئة تسفر عن وجوهها وأنيابها الخبيثة ، وتعمل على شحذ الهمم الدنيئة لفعل الشر بكل ما أوتيت من مهارة ومعرفة. 
في الأسواق زحام واي خطأ قد يكون الموت سيد الموقف إذا وقعت رحى المشاجرة.
رمضان شهر الفتوحات الإسلامية ، شهر القربات والطاعت والبعد عن المنكرات ، لكنه في زماننا هذا ، اصبح مسرحا للمشاجرات والمشاحنات والبغضاء، فأي خلق هذا ؟ وأي مبدأ نسير عليه؟ وأي نهج نستمد منه ثقافة بائسة تطوق أعناقنا بقبح ما نصنع.
عند الغروب تجلس متأملا بملكوت الله وتدعو قبل الغروب لعل الله يستجيب فيفرج الكرب ويعطي السائل ما يتمنى ، لكنك تسمع الصراخ والعويل بوقوع مشاجرة بين أبناء بلدة واحدة ، فيتم تحطيم وتكسير وقتل واستنفاربين ذوي القربى في هذه البلدة الطيبة الوادعة ،وقد يتضرر الكثيرون ممن لا ناقة ولا جمل في هذه المعمعة، لإن الجمع يحتكم لنفر باع ضميره وخلقه ولا يهمه من الإسلام شئ ولا يهمه الوطن بشئ ولا يهمه غيره إلا بمقادر ما يتسبب له بالأذى .
كم أتضايق وكل من لديه حس وشعور بالمسؤولية ، يشعر بالأسى والألم لما وصلت إليه أخلاقنا في زمن أصبح فيه العنف شعارا ، والإستهتار بالقانون بطولة، والعبث بمقدرات الوطن فهلوة.
هل أرواح الناس أصبحت لا تساوي شيئا يا من رقد الشيطان وجلس ينظر إليكم بما تقومون به وما تفعلونه؟ هل البطولة أن يجتاح الأسى أسرة بريئة لتهور وطيش معتوه من افراد قبيلتكم ، وللتباهي أمام الغير من أنكم أدبتم الخصم وأخذتم حقكم بقوة السلاح، وكأن الدولة صاحبة الهيمنة والقانون والسيدة غير موجودة؟
نحن بلد واحد وديننا واحد ،نفرح لفرح الغير ، ونحزن لحزن الآخر ، واهلنا قديما كانوا يتنادون لنجدة الغير إذا ما اصابته مصيبة أو وقعت به واقعة ، ولكن اليوم الكثير ممن لا هم لهم إلا المظاهر الزائفة ممن سربل الجهل عقولهم وعشش الوهم في بقايا أمخاخهم ، يصنعون بطولاتهم في إيذاء الغير وإلحاق الشر بالآخر.
ما ذنب من قتلوا صبيحة رمضان هذا العام ممن كتب القدر لهم العمل بوظيفة هي لمصلحة الوطن والمواطن؟ وما ذنب ممن يحاول فعل الخير والإصلاح ان يطعن فيقتل وتثور ثائرة أهله للإنتقام بالحرق والتجريف؟
رمضان شهر تأتينا زائرا كريما خفيفا لطيفا كل عام، تحمل لنا البشرى بالخير ولكن الكثيرين ، لا يحسنون صنعا ومعروفا لك ، ومن أجلك ، فنتمنى لهم الهداية ونتمنى أن ترجع و تعود أواصر المحبة بين الناس أقوى ، وأن نبتعد عن كل ما يشعل الموقف سوءا، إن اجدادنا صنعوا من رمضان بطولات وأمجاد وفتوحات ، ونحن ماذا صنعنا؟؟كل رمضان وأنتم بخير ، وإلى الله أقرب.