الانتخابات والمشروع السياسي


الانتخابات البرلمانية العامة القادمة تشكل فرصة للشعب الأردني لانضاج مشروعه السياسي الوطني من خلال الحراك الواسع الذي ستخوضه القوى السياسية والمكونات الاجتماعية على صعيد التحالفات والقوائم المشتركة الي تشكل البوابة الرئيسية والمدخل الاجباري لخوض الانتخابات على مستوى المحافظات والدوائر في المملكة.
لا فائدة ترجى من الحديث عن سلبيات القانون، لأن الوقت والظرف لا يحتمل هذا الصنف من الأحاديث، لأن القانون أصبح أمراً واقعاً، والمشاركة أصبحت أمراً واقعاً من كل الأطراف مهما اختلفت الرؤى وتباينت الأراء السياسية، ولذلك يجب المضي نحو تفعيل الإنتخابات، وبث الروح الإجابية والإندفاع نحو المشاركة من أجل تحصيل أكبر قدر من المشاركة الشعبية الفاعلة والمؤثرة والجادة في البحث عن أفضل المرشحين وأقوى الشخصيات الوطنية القادرة على حمل المسؤولية.
عملية تشكيل القوائم الإنتخابية تمثل فرصة للتواصل المجتمعي، وتعد فرصة لإعادة خيوط التفاهم على المشتركات، وتعميق الحوار حول القضايا الوطنية الكبرى، وحول الاقتراحات العملية في تعزيز التعاون على تمكين النسيج المجتمعي وتقوية اواصر الوحدة الوطنية والانتقال نحو آفاق متقدمة في العمل المشترك وانجاز مرحلة جديدة من مراحل الدولة الأردنية الحديثة التي تتجه نحو البناء الديمقراطي، ونحو مزيد من الإمساك بأسباب القوة والإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي.
الظروف الحرجة التي تحيط بنا من كل الاتجهات تحتم علينا المراجعة واعادة النظر في كل أساليب العمل السياسي السابقة، وتحتم علينا اجراء عمليات تقويم جريئة لكل أنماط التجمع الحزبي السابقة التي أسهمت في تقسيم المجتمعات العربية، وأوجدت الحواجز بين مكونات الشعب الواحد، وعمقت التعصب المفضي إلى النزاعات الأهلية المدمرة والحروب الداخلية التي نشاهدها ونحترق بنارها في أغلب الأقطار العربية.
من أهم دروس المرحلة السياسية التي نمر بها في الأردن والأقليم أن الشعوب هي الضامن الأقوى لاستقرار الدول ولا أمل في ازدهار أي مشروع سياسي ونجاحه إلا إذا وجد حاضنة شعبية حقيقية عميقة وقوية وواسعة، تحمل المشروع بإيمان راسخ وتحمل أفكاره ورؤاه بحماس عارم وروح وطنية وثابة.
المرشحون وأصحاب القوائم الانتخابية ينبغي عليهم انضاج مشروعهم السياسي الوطني الواضح، وأن تكون الانتخابات فرصة لعرض أفكارهم وبرنامجهم السياسي من خلال خوض الحوارات الوطنية مع التجمعات الانتخابية والشرائع الشبابية والقوى السياسية الصاعدة، وعليهم أن يكونوا قادرين على تشخيص الواقع وطرح الحلول للمشكلات القائمة، بروح وطنية صادقة واستعداد تام للاستفادة من الآراء المطروحة وتقبل الآراء ومناقشتها بصدور رحبة وآفاق واسعة ورؤية بعيدة.
النخب الوطنية وأصحاب الرأي يجب أن يسهموا في إيجاد التكتلات السياسية القادرة على التعبير عن الهم الوطني والقادرة على حمل آمال الأردنيين وتعزيز الثقة لديهم في مواجهة الظروف الصعبة، والالتفاف حول دولتهم ومؤسساتهم ضمن رؤية واحدة، وصفوف وطنية واحدة، وثوابت واحدة وأهداف استراتيجية واحدة. لا خلاف عليها ولا نزاع، ولا يدخل فيها شك ولا ريبة ولا تردد.