اورلاندو تشعل عمان

اذا كانت الطرفة الاردنية تقول " ان العرس في ناعور والفرح او الطخ في مادبا " غير قابلة للنفاذ على الارض ، فإن الارهاب ونقاشاته نقلتاه فعلا الى الارض الاردنية ، بعد ان احتدمت النيران على مواقع التواصل الاجتماعي امس ، إثر عملية اطلاق النار في اورلاندو على نادٍ للمثليين ، وقالت التقارير ان القاتل او منفذ الهجوم مسلم من اصل افغاني ، مولود في نيويورك ولم يغادر الى دولة عربية ولا ينتمي الى اصول عربية ، ورغم ذلك تبادل انصار التيار العلماني او هكذا يقدمون انفسهم النار مع تيار التدعدش كما يتهمهم تيار العلمانية من مؤيدي عملية اطلاق النار .
اي دارس لعلم الاجتماع سيقول ان هذا المجتمع الذي يختلف على قضية في اوراندو هو مجتمع خالٍ من المشاكل والصدامات لدرجة استيرادها ، وسيعلن خلّو الاردن من الامراض والاوبئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وسيقسم بتربة ابيه ورأس امه ان الاردن لا يعرف الفساد والافساد والترهل والبروقراطية المقيتة وتطفيش المستثمرين وشرب ملح البارود على السحور وشربه محلولا ببعض الطلقات بعد اذان المغرب ، ولن يصدق ان مستوى الجريمة في رمضان هو الاعلى رغم ان اسمه شهر الرحمة وان الفقر ازداد عمقا بإعتراف رئيس الوزراء الجديد " يعني الفقرا غرّزوا في الفقر " وان جرائم الشرف في الاردن مثل الغول والعنقاء وان اطلاق الرصاص في الاردن يتم فقط عبر العاب الاتاري .
اي دارس او مراقب سيعرف تماما اسباب ازماتنا واسباب تراجعنا على كل المستويات حد التخلف ، وسيعرف اننا مجتمع مشلول الارادة والوعي وان عضلة اللسان هي العضلة الوحيدة العاملة في الجسد الوطني ومادونها خامل وكسول ، اورلندو ليست مدينة اردنية ولا عربية حتى نتدارس اسباب اطلاق النار فيها بعد ايام قليلة على اطلاق نار في الرصيفة وعين الباشا لم يناقشه احد من العلمانيين او من المتنطعين ، جرائم القتل في رمضان تسابق جرائم الارهاب في حصد الارواح ولم ينتفض احد كما انتفضوا امس دفاعا عن حق المثليين ، والجريمة كلها امريكية الصنع والتنفيذ ولدينا من القضايا ما يفيض عن حاجة كل علماء الاجتماع في الارض وعلماء السياسة والاقتصاد .
ما حدث في امريكا جريمة قام بها قاتل امريكي وديانته ليست مدخلا في التحقيق ، بل انتمائه العقائدي هو المدخل وهذا يقودنا الى سؤال رئيس عن تغلغل هذا المعتقد في الغرب الذي يغزونا ويسلب ارادتنا ويسيطر على وعينا بمخترعاته وتكنولوجيته ومعارفه ، فكيف نجح هذا الفكر الشاذ في الوصول الى الغرب المتحضر والاستقرار في عقول شبابه من اتباع كل الديانات ، فلا اخال شباب الهوليجنز الذي يقتل على الهوية او على العلم في ملاعب اوروبا يبتعد كثيرا عن فكر داعش وتطرف قاتل اورلندو ، فقد رأينا خلال يومين من بطولة اوروبا من التوحش والهمجية ما يجعلنا نُقبّل وجنات زعران سقف السيل او باقي المناطق في المحافظات والعاصمة .
لدينا من الهموم الكثير ولا يجوز لنا ان نذهب لكنس الجامع قبل كنس بيوتنا فكيف الحال بمناقشة مشاكل الاخرين قبل الوقوف الصارم امام مشاكلنا ، الا اذا كانت الغاية اضعاف الهمة الوطنية اكثر واكثر واخراج الشباب الاردني من ازماته بطريقة افيونية بدل مواجهتها بعقلانية ، فلا يكفي شتم القاتل ولا يكفي شتم القتلى لانهم مثليون ، فنحن لدينا من الشذوذ المجتمعي ما يجعلنا عرضة يوميا للقتل والذبح بشكل فردي دون ان نلتفت واخشى ان نفيق يوما على حادثة قتل جماعي ، فكل الجرائم الجديدة شاذة بلا استثناء ولا نجد من يدافع عنا .