ثغرة قانونية تسهل الابتزاز!

يوم السبت، 21 أغسطس/آب، 2004 نشرت مقالا بعنوان «قاطعات الطرق!»  تحدثت فيه عن ظاهرة جديدة في حياتنا، عبر ثغرة قانونية، الكل يعرفها، ويمكن أن يكون أحد ضحاياها، الظاهرة كما يبدو تطورت كثيرا، وتجاوزت ما كان عليه الحال في العام 2004، حيث قلت حينها، أن زمن قطع الطريق بأيدي رجال أشداء قساة، لا قلوب لهم، ولى، وأصبح قطاع الطرق فتيات جميلات فاتنات، كاسيات عاريات، لهن هيئة مختلفة عن أولئك القراصنة، الذين كانوا «يقشّطون» عابري السبيل، ويجبرونهم على العودة إلى بيوتهم خالي الجيوب، مطأطئي الرؤوس!
قاطعات الطرق اللواتي يمارسن جرائمهن عبر ثغرة قانونية، لم يزلن يتحركن في الشوارع بحرية، محميات بنص القانون، لا يردعهن خلق أو دين أو رأفة، وهن يخترن الضحايا عادة من راكبي السيارات، سواء كانوا من سائقي سيارات الأجرة أو عابري السبيل العاديين، ويندر الآن أن تجد سائق سيارة أجرة، دون أن يحمل في ذاكرته قصة دامية، قادته إلى إحدى نتيجتين؛ فإما النوم على برش «النظارة» أو التضحية بغلة ذلك اليوم!
قال لي احدهم، وهو رجل وقور كبير، ان «إحداهن» امتطت سيارته فيما كان ينتظر الإشارة الخضراء، كانت امرأة متهتكة تعمدت أن تكشف عن أجزاء من جسدها، فور أن «انطعجت» في المقعد، سألها: إلى أين؟ فقالت: وين ما بدك! أدرك صاحبنا أنها من قاطعات الطريق، فقال انه ليس من ذلك النوع الذي يروق له هذا الجواب، وان عليها أن تختار أين تذهب، فقالت له: «من الآخر هات دينارا» يقول لي، انه بمنتهى الذوق والأخلاق، سحب دينارا من جيبه وأعطاها إياه، معتبرا أن الله ستره، ويسر له امره، قلت: لم أعطيتها؟ لمَ لم تطردها من السيارة؟ ضحك بمرارة، ثم قال لي انه لو لم يمتثل لأوامرها، لنام تلك الليلة في «النظارة» كما حصل مع زميل له، رفض أن يدفع بصمت، وقاد السيارة إلى مركز أمني، حتى إذا اقتربت السيارة من رجال الأمن، أخذت «قاطعة الطريق» تصيح بعهر، مدعية أن الرجل المسكين حاول الاعتداء عليها، وما كان من رجال الأمن إلا أن قذفوا به في غيابة الجب، انتظارا لترحيله إلى المدعي العام، وبقية القصة معروفة، فقد نال حكما بالسجن شهرا، بعد أن «تنازلت!» قاطعة الطريق عن «حقها» (مقابل المعلوم طبعا!) وبقي الحق العام، الذي لا يعرف، من الجاني ومن المجني عليه، ويتعامل مع القضايا المختلفة ضمن رؤية قانونية صارمة.
الظاهرة ليست جديدة، لكن هاته النسوة، يجدن في سائقي التكسيات صيدا سهلا، وهم بالكاد يحصلون على قوت يومهم، والأمر بحاجة جدية لإعادة النظر في القانون الذي يصدق المرأة، حتى ولو كانت قاطعة طريق، تستخدم جسدها للفتك بالضحايا!!
هذا ما كتبته قبل أكثر من عقد من الزمان، والحال لم يزل على ما هو عليه، بل ازداد سوءا، حيث تحولت هذه الثغرة القانونية إلى طريقة مفضلة للابتزاز وتصفية الحسابات، بالأمس هاتفني رجل محترم، يعمل طبيبا، وقع ضحية امرأة «من إياهم» لعبت معه لعبة في منتهى القذارة، ادعت عليه أنه صدمها بسيارته، وأحضرت تقريرا طبيا بأنها تعاني من آلام في الظهر، ووافقت على أن تتنازل عن حقها (!) مقابل 450 دينارا، وهي ليس بصاحبة حق أصلا، بعد أن حكم على الرجل بالسجن أسبوعا، بزعم أنه دهس مواطنة وهرب من مكان الحادث(!) والمصيبة أنها أخذت المبلغ ولم تتنازل عن القضية، والرجل عالق في براثن الثغرة القانونية إياها!
وقاكم الله شر الوقوع ضحايا لهذه الثغرة، علما بأن لا أحد في منأى عن أن يتلقى تهمة من أي نوع، هكذا تبلي، وحينها سيرى نجوم الظهر، قبل أن يُثبت أنه مظلوم!