صوموا تصحوا ..
ما هي أجمل أوقات اليوم الرمضاني؟ ان سألك أحدهم مثل هذا السؤال فافقعها بوجهه وقل للصائم فرحتان، واذكر له فرحة الافطار، وهي لحظة الصدق مع الصيام والأيام.. الطبيخ والحلويات والمشروبات وسائر الأشياء التي لها طعم حين تتذوقها، حيث يصبح طعمها أكثر وضوحا عند غروب يوم رمضاني.
كيف أيامكو؟! وكيف رمضان معكو؟
في مدينة كبيرة كعمان، بعد الساعة 2 ونص تالي الليل تقريبا، تبدأ سماع أصوات «مسحرين» مفطرين، وتتعالى الأصوات الصادرة عن طبلين، أو ربما طبل واحد موحد، يهتز تحت وقع عصا يحملها الشاب، وينادي : بالله لو سمحتو قوموا تسحروا اذا تكرمتو يعني..
لكن السيارات التي تركن أمام بيوت الناس هي المزعجة، فزامور خطرها «متعلث»، وفي حالة عداء مع «المسحرين»، إذ تنطلق أصوات زوامير السيارات كناية عن شدة الازعاج والضوضاء، تلك المتأتية من أصوات الطبل ونداءات الرجل للناس بأن يقوموا يتسحروا، ليس الرجل هو المزعج بل هي الزوامير ان الزوامير والسيارت والناس النائمين هم المزعجون.
وفي مدينة كبيرة كعمان، وبعد الساعة 2 ونص ظهرا، تبدأ بسماع أصوات متسولين، أصبحوا ينادون في رمضان «جهرا»، وصوتهم أعلى من صوت المسحراتي المزعجاتي، يقف بل تقف السيدة على أبواب العمارات، وتتحدث بصوت «مدرّب»، تريد نقودا من الناس، علما أن بعضهم لا يملكها وقد يكون يفكر في تلك الساعة بطريقة لاستدانة النقود، لكن السيدة المتسولة تقف على أبواب العمارات المأهولة وغيرها، وتطلق العبارات المعروفة، وبالكاد تتحرك قبل أن تحصل على شيء..
صوتان ينطلقان في عمان في وقتين مختلفين، ولا أعلم أيهما أعلى من الآخر، هذا ينبهكم لتنهضوا لسحوركم، وذاك يتسول ..اللهم ارفع أصوات المتسولين لعل أحدهم يسمع، قبل أن يتحول الشعب كله إلى متسول.
أما في نهار رمضان الله فيكفينا الله شرهم؛ يصومون ويصبحون على شفا انهيار، فهم بعد الصيام اصبحوا مشاريع ضحايا او مجرمين، مشروع قاتل او مقتول او راقد في مستشفى او مسجون، انسان بحجم «كبة بلاء»، حامل الشر بكل جوارحه ويسير بين الناس، في الشوارع وفي العمل وفي الأسواق ولدى محلات القطايف..
انسان صائم ومستعد للمواجهة، ولا بد أننا جميعا شاهدنا هوشات الصائم المذكور، أو سمعنا خبر وفاته في الأيام السابقة، إنه هو نفسه الصايم «ما غيره» ..
اهم ما يفعله المرء في يوم صيامه أن يلزم بيته ويبتعد عن الأسواق وحروب القطايف، وأن يتعوذ بالله من كل المسوخ الذين يملأون الفراغ الشيطاني حين يتسيدون الناس، فيصبحون مشاريع قتل.
صوموا تصحوا..