عندما ندوس الأحلام بأقدامنا!



الإحباط ليس درساً، بل شماتة العقل بنفس بشرية، والشامتون بعقولهم، في غمرة لهو وسكرة مشاعر. المُتشائمون، علّقوا على أعناقهم تعويذة لطرد منابت الأمل، والمُحطّمُون للمجادف، يلهثون خلف متعة إغراق السفن. ينتفض المُتشائمون بأيمانهم للإشهار بالأخبار السيئة، ويتسابقون بشمائلهم على وأد الأخبار الجيدة ودفنها.

 

 

ازدهرت صناعة الكذب، ولها تقنية ووسائل، وأصبح الصّدق يتسوّل على قارعة طريق الفضلاء، وتركنا الحياة تائهة بين شكٍ ويقين!

 

 

أوقد المتشائمون مشعل السلبية، فتدحرجت الإيجابية إلى أسفل سافلين! قبضوا على حقيقة إحساسنا العربي وشوّهوه، وحقنوا قناعاتنا بالعجز والفشل والهوان، أصدروا التقارير، وفي جدول الترتيب قبع بني يعرب في ذيل القائمة!

 

 

نضب معين الحَكّائين في المقاهي، فأغرقونا بلغة طافحة بالوقاحة. المُحبِطون يذهبون إلى الملاهي الليلية، وأماكن الرقص ليعيشوا أوهاماً يرونها جميلة، ويقبلون بالأقنعة لإخفاء الملامح الأصلية!

 

 

يقول شكسبير: إذا كُنت صادقاً فلماذا تحلف؟ ولكنه لا يعلم عن انقلاب زماننا، الكاذب صادق إلى أن يثبت العكس؟! إذا كُنْتَ إيجابياً، في نظرهم مُطبلاً، والمفتونون بالتشكيك والتحطيم أبطال هذا الزمان، إما أن تنضم إليهم، أو سيُعلّقون على باب منزلك مزمار، ما أبشعهم..

 

 

يحملون في صدورهم القاتل الصّامت، وينثرونه مقولات، وطُرف، وتعليقات، في منازلهم وعلى مسامع أبنائهم، وعندما يُخفق أحد أبنائهم في الدراسة أو الحياة، يصبُّون جام غضبهم على الدين والمناهج والمجتمع والموروث، من دون استبصار للذات، وشعور بالمسؤولية أولاً!

 

 

توماس أديسون، طرده المعلم من المدرسة ونعته بالفاسد، استقبلته والدته بحضن إيجابي، مسحت دموع ابنها وقامت على تربيته، والنتيجة خَلّف للبشرية أكثر من ألف اختراع، والمُتشائمون تسمّروا خلف النّور الذي اخترعه أديسون، يقرؤون في كتب الإحباط، وثورة الشك، واليأس، وطمس المعنى الجميل السّامي للدين والحياة!

 

 

يا بُنيّ:

 

 

ستذهب للمدينة لتلتحق بالجامعة، وأنت هُنَا غير ما ستكون عليه هُناك. في قريتك، النخيل والسنابل، والرُّوح المُتدفقة بالبراءة، تمضي في الصباح مُتفائلاً، وتتوسد أحلامك بالرّجاء ومُتعة الثقة بالخالق - جل في عُلاه -، سكون قريتنا بلسم للطمأنينة، وضجيج المدينة يطاردك حتى في المنام، في القرية أحلام، وفي المدينة كوابيس، ومنها ازدهرت تجارة المُفسّرين!

 

 

سأُودّعكَ وعلى أكتافك حلم طبيب، وفي المدينة هناك من يدوس الأحلام، ستسمع طُلاّباً يتحدثون في السياسة والفساد ومعارك الفنانين وبكاء رؤساء الأندية، وفي قاعة المحاضرات في الجامعة، بعضهم مشغول «بهاشتاقات» الصباح والمساء، تلك هي مع الأسف الشديد يا بُنيّ واحة إبداع الطاقات المحروقة؛ المُهم إشغال الشباب العربي بأي شيء حتى لو كان تافهاً ونتائجه بعيدة المدى مُفزعة!

 

 

يابُنيّ:

 

 

لن أحرمك حق المُتعة بجمال الحياة، عِش جودتها، استمتع بوسطية الإسلام الحنيف، وفنون الحياة وتقنياتها، وذائقة الإبداع فيها، وتجنب من يسعى لحرمانك لذة طعم التفاؤل والأمل،

 

 

افتح لك حساباً في «تويتر»، ضع صورتك، واكتب في التعليق:

 

 

«الحياة تتوقف عندما تنتهي الأحلام، سألتقي بكم بعد أن أُحقق حلمي».

 

 

غادر الشّاب قريته، وعلى أكتافه وفي عقله حلْم ونصيحة، وربما يروي لنا يوماً كيف استطاع تحقيق حلمه من رحم نصيحة والده.