« قنبلــة» نتنيـاهــو القـادمـــة ..!

اذا كانت "قنبلة” البغدادي التي تفجرت في منطقتنا افزعتنا وأصابتنا بالذهول ، فإن ثمة "قنبلة” جديدة اسوأ منها ستنفجر في اوساطنا العربية اذا قيض لمخطط نتنياهو ان يمر، هكذا دون ان ننتبه.

لا أريد ان اقارن هنا بين "دولة” البغدادي التي اختارت "التوحش” عنواناً لها، ودولة نتنياهو المنتظرة التي يريد ان يطرحها لشطب القضية الفلسطينية وانهاء حلم "الفلسطينيين” في اقامة دولتهم المستقلة، يكفي ان أشير الى ان خلافة البغدادي مجرد "وهم” سيتبخر اذا ما تحركت عجلة السياسية في مسارها الصحيح، وخرج السوريون والعراقيون من "كابوس” الحرب على تخوم الطائفة والمذهب وكذبة "الممانعة، فيما لا احد يستطيع ان يقف في وجه دولة نتنياهو الموعودة، اذا ما انتزعت شرعيتها من موافقة عربية ودعم دولي ومباركة فلسطينية ايضاً.

ارجو الا يظن القارىء الكريم انني اتحدث في "فراغ” فقد انشغلت الاوساط السياسية الغربية والاسرائيلية (لا تسأل عن العربيةالتي ما تزال صامتة) على امتداد الاسابيع الماضية بالتصريحات التي ادلى بها توني بلير، باعتباره الوسيط بين تل ابيب والعواصم الغربية والعربية المعنية بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، حول قرب التوصل الى صيغة "تسوية” بين الطرفين العربي والاسرائيلي على اساس مبادرة السلام العربية (2002)، وما ذكره ان كافة الاطراف ابدت استعداداً لمواصلة المفاوضات بلا شروط مسبقة، وان بعض الدول العربية ستبادر الى "تطبيع” العلاقات مع تل ابيب فور بدء المحادثات، ومما ذكره ان العواصم العربية ستقبل اي تعديل على "المبادرة” ، في اشارة واضحة الى البنود المتعلقة بحدود الدولة وعودة اللاجئين والقدس.

الاخبار اكدتها ايضا تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي التي ذكر فيها ان اسرائيل وافقت على حل الدولتين وعلى استئناف المفاوضات،وحتى حين جرت بعض التعديلات في الحكومة الاسرائيلية فـإن نتنياهو ظل مصراً على موقفه.

ما جرى على ضفة "السلطة” الفلسطينية من اشتباكات حول مستقبل القيادة الفلسطينية، وحول مصير منظمة التحرير، والهدنة بين حماس وتل ابيب برعاية مصرية، والتحضيرات التي تجري لاطلاق مبادرة "باريس” يصب ايضا في اطار محاولة اغلاق ملف القضية الفلسطينية ، ويأخذ اهميتة من اعتبارين: اولهما الحالة البائسة التي انتهت اليها الاوضاع العربية بعد سنوات الصراع والحروب، وما تمثله من "فرصة” لاسرائيل لكي تقبض على "فلسطين” وتشطب قضيتها الى الابد، زد على ذلك الصفقة التي ابرمت بين ايران والدول الكبرى وانعكاساتها على بروز ايران كعدو للعرب بدل اسرائيل ، اما الاعتبار الثاني فهو بروز توافق يميني اسرائيلي بقيادة نتنياهو وافيجدورليبرمان على استغلال هذه الفرصة والترتيب لدفع العرب الى "الجدار” بموافقة دولية، ناهيك عما لدى بعض الاطراف العربية من "قابلية” لتمرير الصفقة، باعتبار ذلك يصب في مصالحها.

هل يمكن ان تفضي هذه المفاوضات الى وضع الاردن امام خيار "الكونفدرالية” ؟ لا أستبعد ذلك، خاصة وان المطروح الان هو حل الدولتين الذي سيترتب عليه الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة (دعك من شكل الدولة ومساحتها واستقلالها وفق المواصفات الاسرائيلية طبعا)، لكن هذه المخاوف على خطورتها لا تتوقف عند ذلك وانما ثمة ما ينتظرنا من ضغوطات اقتصادية ( وصفة الصندوق والبنك الدولي) ومن تحديات التنظيمات الارهابية، ومن ملفات سياسية داخلية ما تزال مغلقة، وكلها للأسف تصب بعكس تجاه ما نريد، وتجعلنا نضع ايدينا على قلوبنا من الاخطار التي تتربص بنا وتدق ابوابنا، هذه التي نرجو ان تظل قوية وموحدة.