مرحلة انتقالية بإمتياز
إستقالة عبد الله النسور من رئاسة الحكومة الاردنية تمت على خلفية الاستحقاق الدستوري الذي يستوجب رحيل الحكومة مع نهاية العمر الزمني لمجلس النواب السابع عشر ومتزامناً مع حله بقرار ملكي ، تمهيداً لأنتخابات نيابية جديدة ، يتطلب إجراؤها حكماً خلال الاربعة أشهر المقبلة .
رحل عبد الله النسور بعد أن حافظ على بقاء حكومته طوال سنوات عمر المجلس النيابي لثلاثة أسباب : أولها رضى وقبول صاحب القرار رأس الدولة على إدارة حكومته ، وثانيها دوام محافظته على نيل ثقة مجلس النواب وفشل كافة المبادرات البرلمانية التي سعت لحجب الثقة عن حكومته ، وثالثها نجاحه في إدارة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والتكيف مع شروطه ، بدون أثر إحتجاجي لدى الشارع الاردني ، رغم ثقل المديونية والعجز في الموازنة ، وإتساع جيوب الفقر والبطالة ، وهكذا رحل بعد أن أدى مهمته مع نهاية الولاية الدستورية لمجلس النواب .
رحلت حكومة النسور ، تاركة إرثاً ثقيلاً لحكومة الرئيس هاني الملقي الذي يعتبر إبن المؤسسة الرسمية للدولة الاردنية ، فقد إنتقل من رئاسة سلطة العقبة إلى رئاسة الحكومة بعد أن شغل حقائب وزارية لدى أربعة حكومات برئاسة عبد السلام المجالي 1997 ، وفاير الطراونة 1998 ، وفيصل الفايز 2004 ، ومعروف البخيت 2011 ، وتولى حقائب الخارجية والصناعة والتجارة والمياه ، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة ورسالته إهتمت بتحلية المياه بواسطة الطاقة الشمسية ، وهو صاحب إختصاص في هذا المجال ولذلك كانت بدايته الحكومية وزيراً للمياه ، وإختيار الملقي على هذه الخلفية البيروقراطية تعكس السياسات الرسمية التي تتوسل التخلص من الجهوية وتقاليدها .
حكومة الملقي لديها ثلاث ملفات هامة ستنشغل بإنجازها أولها إستكمال خطوات التفاوض والاتفاق مع بعثة صندوق النقد الدولي ، وثانيها تشكيل المجلس الاقتصادي الاردني السعودي بهدف فتح أفاق للتعاون في مجالات متعددة مع العربية السعودية ، وثالثها إجراء الإنتخابات النيابية قبل نهاية الفترة الدستورية المتاحة حتى أيلول سبتمبر المقبل ، مما يعني أنها حكومة إنتقالية بإمتياز ، ولكن هذا لن يغلق على رئيسها بوابة العودة لحكومة جديدة إذا نالت ثقة مجلس النواب الثامن عشر بعد الإنتخابات ، وهذا يعتمد على نجاحه في إدارة الحكومة ، ورضا رأس الدولة على مواصلة أداء حكومته بنجاح .
ملفات الدولة الاردنية ثلاثة : أولها المؤسسة العسكرية والامنية وإدارتها المباشرة من قبل رأس الدولة جلالة الملك ، بإعتباره القائد الاعلى للقوات المسلحة ، وثانيها السياسة الخارجية وعلاقاتها الاقليمية والدولية وإدارتها تتم أيضاً من مكتب رئيس الدولة ، وثالثها العناوين والملفات المدنية التي تتولى الحكومة إدارتها والاهتمام بها ، ولذلك ستعمل الحكومة على التفرغ لمهامها بعيداً عن ملفي الانشغال الامني والسياسة الخارجية ، كي تعمل على معالجة الوضع الاقتصادي وتداعياته ، والفقر والبطالة وأثرهما ، والتخفيف من معاناة الاردنيين بسبب تدني الدخل وإرتفاع الاسعار ، ولهذا وصف كتاب التكليف أداء الحكومة والحكم لها وعليها وفق ما تستطيع إنجازه ، والمراقبة هنا لن تقتصر على المؤسسة الرسمية بل إن الوضع الشعبي سيكون مستغرقاً في الاهتمام بأداء الحكومة ومراقبة أعمالها ، أكثر من إهتمامه بالإنتخابات ونتائجها .