برنامج الصندوق بين حكومتين

بعد ما يقارب سنة كاملة من المفاوضات والمساومات في عمان وواشنطن حول برنامج للإصلاح الاقتصادي 2017-2020 يشرف عليه صندوق النقد الدولي، أصبح البرنامج بصيغة شبه نهائية وكان من المفروض أن يتم التوقيع يوم غد الخميس، لولا أن حكومة الدكتور عبد الله النسور رحلت بشكل مفاجئ تاركة توقيع البرنامج للحكومة الجديدة.

المأمول أن لا يأتي الآن طلب التأجيل من طرف الصندوق بحجة أن الحكومة الحالية انتقالية، لا تتمتع بثقة مجلس النواب، ومهمتها إجراء الانتخابات وتصريف الاعمال وليس ترتيب التزامات طويلة الأجل.

ليس من المتوقع أن يؤثر تغيير الحكومة على جوهر البرنامج، ومن المعتاد أن تتغير الحكومات ويبقى البرنامج. وحتى لو كان الاتفاق موقعاً فإن الصندوق يأخذ تغيير الحكومات بالاعتبار، ويطلب كتاب نوايا جديداً من الحكومة الجديدة للتأكد من أنه ليس لديها أية تحفظ تجاه ما التزمت به حكومة سابقة.

بالمناسبة نستذكر أن حكومة الدكتور فايز الطروانة رحلت بعد إعداد وتوقيع البرنامج للسنوات 2012-2015 الذي انتقل تنفيذه إلى حكومة الدكتور عبد الله النسور، فمن الطبيعي والحالة هذه أن تتبنى حكومة الدكتور هاني الملقي ما تم إنجازه في عهد حكومة النسور، فالاستمرارية بين الحكومات مؤكدة، والمهم أن تتراكم الخبرات والإنجازات وليس الاخطاء.

من الناحية العملية فإن التفاوض مع الصندوق يكون في العادة مع وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، وهما المفوضان بالتوقيع نيابة عن الحكومة، ومن حسن الحظ أن التغيير الحكومي لم يمس أيا منهما.

يذكر أن تطبيق البرنامج الجديد سوف يبدأ في عام 2017، ومن يدري فقد تكون هناك حكومة جديدة تنفذ ما أعد في عهد حكومة، ووقع في عهد حكومة ثانية، ليطبق في عهد حكومة ثالثة.

لن يكون في البرنامج إصلاحات وتوجهات تختلف عما ورد في كتاب التكليف، وسيكون التركيز على تخفيض عجز الموازنة الكلية للحكومة المركزية والوحدات الحكومية المستقلة، وتخفيض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل ملموس.

هذه هي المهمة الصعبة التي تواجه أية حكومة لأن الحكومة الأردنية تأخذ على عاتقها مهمات ومسؤوليات أكبر مما تتحمله مواردها الذاتية، وبذلك يتوقف الكثير على ما سوف يتحقق من المساعدات والمنح العربية والأجنبية، ويستطيع الصندوق أن يساعد في هذا المجال إذا لمس جدية من الحكومة في عملية الإصلاح.