بورصة أسماء


 

أشياء لا تحدث إلا في الأردن، كل المواطنين والشعب يتحولون إلى محللين سياسيين حينما تبرق قضية سياسية، وخبراء في الاقتصاد حينما يرتفع سعر النفط العالمي، وعلماء في الاجتماع والفلسفة والفلك والنانو ، والمناخ وظروف الجو.
لا يمكن أن تسأل أحدهم عن عنوان ما ويعتذر أنه لا يعرف، فهو يمتلك الفتوى الجاهزة والحقيقة المطلقة، ولو بدى عليه الإحراج» وصار يحوس ويلوص»، لكنه لا يتردد بالجواب، لاعتقاد منه أن قوله: لا أعرف يثلم كبرياءه. مع أننا نردد «صبح ومسا»: من قال لا أعرف فقد أفتى.
ويرتفع منسوب هذا النشاط الذهني كتمرين اجتماعي وسياسي وأبستمولوجي وقت الانتخابات النيابية وإشاعات حل البرلمان وارتفاع الأسعار، وتوقعات الأنواء الجوية، والتعديل الوزاري والتغيير الوزاري، فالكل يتحول إلى متنبئ، وعارف في بواطن الأمور، وما يجري وراء الكواليس، ولا يتوقف الأمر عند التوقع، بل يصل الأمر حد اليقين القاطع الذي لا يأتيه الباطل من أمام ووراء.
مع أن صاحب الأمر وهو يضع القائمة ، يترك مساحة للتعديل والتبديل، والمراجعة حتى آخر لحظة، لكن العقل القطعي لا يقبل ذلك، ويدرج القائمة كاملة، ليس بالوزراء المحتملين، بل بالمناصب التي يشغلونها، مؤكدين أنها القائمة النهائية، وكأن الأمر يتعلق بتشكلية فريق كرة القدم لمواجهة بورتوريكو.
ثمة عقلية جازمة، قطعية، للأسف ساهمت في ترويجها شبكات التواصل الاجتماعي، والمودونات وإلى حد ما المواقع الإلكترونية، وأنا لست ضد التداول في أمر الوزارة والرياسة، فهو شأن عام، لكن الناس في غمرة بريق الاسم تنسى المهمة والوظيفة والمصلحة التي لا يذكرها أحد، لأن المهم هو الحديث في إطار رؤى المرحلة ومتطلباتها، والأنسب لها، إن كانت المرحلة تحتاج للتنوقراط، أم الروافع الاقتصادية أم الجانب الأمني، لكن لا أحد يتكلم في المصلحة، ويذهب الجميع مباشرة للأسماء، بالإفصاح المطلق،والنهائي والقطعي، وتتبعها المباركات والإشادات، وفي المقابل يسود الصمت من أهل الدراية والخبرة عن قراءات متطلبات المرحلة وضروراتها والتحديات التي تواجهنا ، فوضع الأسماء بإي من الكيفيات يشير إلى وضع العربة قبل الحصان.
في ما يجري من توقعات للوزراء المقبلين، لا يتوقف الأمر عند الشائعة، بل «ينحرف» إلى نوع من «البورصة» بالترويج وعرض الخدمات!! والعلاقات العامة، التي تضع الشعب الأردني كله في مدار احتمال لقب «معالي».