الصحافة الأردنية تطالب بالإستعداد للتراجع عن دولة الرفاهية وتؤيد البخيت في معادلة المصالح بدلا من المفاوضات وتقترح على حماس المقاومة السل

 

اخبار البلد- االقدس العربيب من بسام البدارين: بدا واضحا طوال الأسبوع الماضي ان المصالحة الفلسطينية وتأثيراتها على المصالح الإقليمية الأردنية من العوامل والعناصر الأساسية التي حظيت باهتمام الصحافة المحلية والمعلقين فيها فيما لا زالت الضغوط على ميزانية الدولة المالية تشكل عنصر جذب للكثير من التغطيات والتحليلات الصحافية.

وفي الوقت ذاته طرحت بعض الكتابات تساؤلات حول أسرار وخلفيات خفوت الحراك الشعبي في الشارع الأردني وحظيت نقاشات الحكومة حول متطلبات تخفيض الموازنة باهتمام الصحافة.
ورأى الكاتب فهد الخيطان ان رئيس الوزراء معروف البخيت قلب المعادلة عندما أعطى مؤخرا المصالح الأردنية الأولوية في أي حل للقضية الفلسطينية بعد اعلان 'السلطة' عزمها الطلب من مجلس الأمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هذا العام ولا نعرف على وجه التحديد الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الى الشعور بالقلق على القضية الفلسطينية والمصالح الاردنية في هذه المرحلة التي تشهد تحولات عميقة في البيئة الاقليمية والدولية.
لكن - قال الخيطان - المهم ان البخيت قلب معادلة السياسة التقليدية الاردنية تجاه القضية الفلسطينية التي كانت تعطي الاولوية لاستئناف المفاوضات وصولا الى 'حل الدولتين' على حساب العناوين الاخرى واستبدلها بمعادلة جديدة تضع المصالح الاردنية شرطا لقبول أي حل وهي ضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وبهذا المنطق يمكن القول ان البخيت تجاوز مبادرة السلام العربية خاصة فيما يتعلق بالموقف من حق العودة، وقال بوضوح لا يقبل التأويل: ان 'دولة فلسطينية من دون ضمان حق اللاجئين في العودة والتعويض، ومن دون القدس، ليست الدولة الفلسطينية المنشودة'، وزاد: 'كما انها لا تصلح ابداً مآلاً للمشروع الوطني الفلسطيني، وعلى العكس من ذلك فستكون هذه بمثابة صيغة تقود للتصفية المباشرة وعلى طريقة الاغتيال للمشروع الوطني الفلسطيني'.
وألمح الكاتب إلى ان محاضرة البخيت حملت ما يمكن وصفه رسائل تحذيرية للأطراف الفلسطينية والاسرائيلية والدولية.
ومن جانبه تحدث الدكتور فهد الفانك من صحيفة 'الرأي' عن مخاطر الدين العام قائلا: أن كلفة خدمـة الدين تستهلك جزءاً لا يستهان به من موارد الخزينة التي كان يمكن إنفاقها لتمويل وتحسين خدمات الحكومة وتطوير البنية التحتيـة والإنفاق الرأسـمالي وفي حالتنا يبلغ الدين العام حوالى 12 مليار دينار تقارب 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وضعف الموازنة العامة للدولـة: أما خدمة الدين بشكل أقساط للقروض الخارجية فتبلغ 350 مليون دينار، أما الفوائد على القروض الخارجية والمحلية فتبلـغ حوالى 420 مليون دينار أي أن خدمة الدين العام في سنة واحدة تصل إلى 770 مليون دينار أو ما يقارب 4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، تعتبر بمثابة ضريبـة على جميع الدخـول والأرباح والفوائد والإيجـارات التي تتحقق خلال سنة كاملة.
هكذا ـ يشرح الفانك - تكون خدمـة الدين العام قد أكلت سـدس إيرادات الدولة، وهي تتجه إلى المزيد ما لم تأخذ الحكومة بسياسة مالية مشـددة من شأنها تخفيض العجز في الموازنة وتقليـل الحاجة للمزيد من الاقتراض الداخلـي والخارجي.
وشدد الفانك على أنه لا تستطيع الحكومة أن تستمر في القيام بدور دولة رفاهية على الطراز الخليجي، وأن تستمر في منح المزيد من المكاسب والإعفاءات والتخفيضات والدعـم الاستهلاكي، علماً بأن كل هـذا ممول بالدين على حسـاب المستقبل.
وفي صحيفة 'الدستور' تحدث الكاتب حلمي الأسمر عن مصارحة ضرورية بين قطبي المعادلة الفلسطينية بعد المصالحة عبر وضع النقاط على الحروف ومنها تحديد ما الذي سرع في إنجاز المصالحة؟ وأخذ حماس للعبرة من حراك الشباب العرب الذي يثمر أفضل من المقاومة المسلحة وقال الكاتب الأسمر: لعل كلمة خالد مشعل بالأمس في احتفالية المصالحة اشتملت ضمنيا على هذا الاعترف، وكنت أتمنى أن يقولها صراحة، ولنتذكر هنا أن الانتفاضات الفلسطينية العزلاء والسلمية آتت ثمارا أعظم وأهم واكبر من الانتفاضة المسلحة التي جرت على الشعب الفلسطيني ويلات ودماء كثيرة.
ونصح الكاتب حماس بالأنضواء تحت مظلة منظمة التحرير، وها هي بعد أن جربت خيار النكد والعناد، ها هي تعود للخيار ذاته، والعبرة هنا ليس للمعاتبة واستدراك ما فات، بل للنظر بشكل جدي في اختيار رؤية واقعية غير منقطعة عما أنجزه الشعب الفلسطيني من نضال متصل منذ نحو مائة عام، فالمقاومة الفلسطينية لم تبدأ بحماس، ولن تنتهي بخروجها من الساحة، ويتعين أن تكون حماس جزءا من هذا النضال، دون أن تسلب الآخرين حقهم أو تتنكر لما أنجزوه.
ومن جهته طالب الكاتب في صحيفة 'الغد' أسامه الرنتيسي أطراف المصالحة بأن تصمد وقال: صحيح أن فتح وحماس نقضتا اتفاقاً سابقاً وقّع في حرمة مكة المكرمة، ولم يفصل الموقعين يومها عن الكعبة سوى حاجز زجاجي، وبعد أقل من شهرين سحل بعضهم بعضاً في شوارع غزة، لكن الظروف الحالية، وموقف إسرائيل المنفعل من المصالحة، وتساؤلات حول إمكانية تنفيذ المصالحة فعلياً في مثل هذه الظروف والضواغط المعقدة.. هو ما يدفع الكثيرين إلى الابتهال بأن يجد القادة الفلسطينيون الحكمة الكافية للتعامل مع ظروف معقدة بهذه الدرجة، وأن يخففوا من المعاناة العامة لشعبهم ويقتربوا من تحقيق الأهداف الوطنية.
ويبدو وفقا للرنتيسي ان مصر الثورة تحاول الإفادة قدر الإمكان من فرصة التوافق الفلسطيني لتعلن للعالم ان سياستها الراهنة تجاه القضية الفلسطينية تختلف عن سياسة النظام السابق. كما أن غالبية القوى الفلسطينية تحاول أن تبلّغ القاهرة بأشكال مختلفة أن تحفظاتها تجاه الورقة، مقدمة وبنوداً، لن تشكل دافعاً لعرقلة المصالحة