إرث النسور ومستقبل الحكومة الجديدة

للإنصاف لن يترك عبد الله النسور الراحل تركة خاصة به، بل ورثها عبر الحكومات المتعاقبة رغم أنه كما يقال بالعامية «زادها حبتين»، اي اضاف لها المزيد من الثقل بمعناه السلبي طبعا ومؤشرات الاقتصاد تحديدا تشهد على ذلك.
وللإنصاف ايضا لا يمكن التقليل من شأن رئيس الحكومة الجديد هاني الملقي، فهو له خبرته الخاصة والكاريزما المناسبة ليكون رجل دولة لما يعرف عنه من حزم وحسم والقرار المستقل والجريء.
لكن المهم ماذا سيفعل رئيس جديد بالواقع، وما هي الخيارات المتاحة سواء على المستوى الاقتصادي أم السياسي والاجتماعي، فالوضع لمن يطالبون دوما برؤية النصف المليء من الكأس عليهم أن يدققوا قليل في واقع الحال ونظرة سريعة على ما يحدث في الجوار.
هنالك من يتحدث عن الانتخابات المقبلة كمفتاح سحري، وقد تكون بداية لانفراجة يمكن البناء عليها على اعتبار أن الإصلاح السياسي يمكن أن يخلق الجو المناسب ويحقق العدالة والمساواة ويمنح فسحة من الحرية لإجراء اصلاحات اقتصادية جدية.
فعليا، لا يوجد مؤشرات إيجابية تجاه تلك الانتخابات، سواء من ناحية القانون المعتمد والنقاط التي ما زالت غير واضحة، غير ذلك الضغوط التي تتعرض لها قوى سياسية وحزبية والتي على الارجح لن تشارك، وإن شاركت سيكون على مضض.
الأهم من الانتخابات والإصلاح السياسي المزعوم، الوضع الحالي الذي تحول لشكاوى على كل لسان من قبل الشارع ومن الرموز السياسية أنفسهم، والسؤال الرئيس: كيف يمكن للحكومة الجديدة أن تواجه الدين القائم الذي يعتبر المؤشر الحقيقي لقوة الدولة، ومعيارا مهما للنشاط الاقتصادي والنمو؟
الغريب أن مع كل تشكيل حكومي جديد تلتصق بعض المرفقات فيقال مثلا: تلك حكومة لإجراء الانتخابات، أو تلك الحكومة لمعالجة الدين، أو تلك ستنفذ برنامج إزالة الدعم عن السلع والخدمات، وكأن العمل بالقطعة وهو السبب الرئيس لكل التراكمات تلك، فتارة إصلاح من جهة بينما تتعاظم السلبيات في جهة أخرى، ومرة التركيز على شأن ما وتزيد مشاكل الشؤون الأخرى.
لم يعد مقبولا بدء اي حكومة كانت بدون برنامج وطني منطقي واقعي واضح، مربوطا بفترة زمنية محددة، يتم التعامل معه على اساس الأولوية وبصفة العاجل؛ كون الوضع الداخلي وصل الحد وخارجيا الأمور ليست على ما يرام، وإلا ما فائدة التشكيل أو التعديل؟ فحكومة النسور شأنها شأن الحكومات، ولن يضيف الملقي سوى عبئا جديدا سترثه الحكومة اللاحقة.