حوادث السير.. أزمة قيم أم قصور تشريعات؟

لا يكاد يمر يوم الاّ وتسجل فرق الأمن العام والدفاع المدني مئات الحوادث ؛ فيها من القتلى والجرحى العشرات ؛ وكأننا في ساحة معركة دامية مع عدو شرس. تنتهي الحوادث بعطوة وقهوة وشيك تأمين ؛ وهكذا دواليك.

خطباء المساجد قالو إنّ كل حادث ينتج عن فعل يرتكبه صاحبه ويسجل على أنهّ مخالفة ؛ وينتج عنه وفاة هو جريمة قتل يجب ان يعاقب صاحبها كانه قاتل حقيقي عن سبق اصرار وترصد ؛ هل يتم تطبيق هذه العقوبات.
كلنا يخرج من بيته في الصباح ؛ تتزاحم السيارات ؛ كل يريد أن يسبق الآخر ويزاحمه وإذا استطاع ان يسبقه أو يصطف أمامه يبتسم إما وهو ينظر الى الآخر او بينه وبين نفسه ؛ نحن نعاني من عقدة الأنتصار على الآخر ؛ ولسا معنيين في الانتصار على الذات.
عندما تدخل الى دواّر أيا كان وفي أي مكان أنت تدخل معركة حتى تخرج منها ؛ الكل لا يريد أن يفسح المجال للكل ؛ والكل يتصارع هي احدى السمات التي أصبحت جزءاً من سلوكنا (الصراع) على كل شيء - عندما يتقابل اثنان او يتزاحمان ؛ من يفسح المجال للآخر ؛ لا يقول له الاخر شكراً او يبتسم له ؛ ينظر اليه متشفياً لقد هزمتك ؛ هذه الظاهرة لم اجدها في الغرب – اذا تقابل اثنان الكل يحاول أن يفسح المجال لمن هو أمامه – وعندما يحدث ذلك يبتسم له ويرفع يده شاكراً له ؛ الحوادث لا تحدث الا في حالات فقدان الوعي ونادراً ما تجد حادثا أو تسمع بموتى ؛ نحن نسجّل الأعلى بين دول العالم من حيث نسبة الحوادث ونسبة الوفيات ؛ لقد حاولنا في مناهج التربية الوطنية ان ندخل دروساً متعددة حول السير ؛ والحوادث ؛ والاشارات ؛ وطرحنا تطبيقات عملية من أجل ذلك. لعلّها تفيد في تربية الناشئة في ثقافة المرور والتقليل من الحوادث.
الهاتف الخلوي المصيبة الجديدة – لا يقتصر الناس فيه في الرد على المكالمات نحن نكتب الرسائل ونحن نتولى القيادة ؛ واحياناً يأتينا هاتف مزعج يؤثر على نفسيتنا وبالتالي على سيطرتنا على قيادة السيارة.
كما نفتقد فقه الأولويات في حياتنا ونحن نفتقد الأولويات في تعاملنا مع بعضنا البعض ؛ الأولوية دائماً ( لي ) وليس لغيري وبغض النظر عن الأحقية.
نتفلت من حزام الأمان ؛ ونتلذذ بتجاوز السرعة ؛ وفي غياب الرقابة في الأفراح والأتراح ؛ نغلق الشارع ؛ ولا نسأل أنفسنا السؤال التالي – لو تعرض احد الأشخاص لنوبة قلبية تحتاج الى سيارة اسعاف ونقل إلى المستشفى كيف يتم ذلك.
في هذا الأسبوع فجعت قريتي ( يرقا ) بحادث أليم نجم عنه وفاة أب وأبنيه – ولم يبق فيهم أحد في الأسرة – سوى الزوجة التي لم تكن في السيارة. كان ذلك نتيجة تجاوز خاطئ من سيارة أخرى – حزن الجميع عليهم ؛ ولكن هل نتعظ من هذا الحادث – لنقلل من الأخطاء التي يمكن ان ترتكب وتؤدي الى الحوادث القاتلة والمؤلمة – التي نحن جميعاً مسؤولون عنها ؛ انها ازمة قيم قبل أن تكون أزمة قانون وتشريع.