قراءة في المشهد السياسي الاردني..!

 

التزامن مع الازمة الاقتصادية المحلية والدولية و بالتزامن مع الفساد المستشري محلياً ودولياً وبالتزامن مع المطالبة بالاصلاحات الدستورية والسياسية محلياً وعربياً تحاول ان تتحرك الحكومة التي هي صاحبة الولاية العامة بشؤون الدولة والتي يمارس جلالة الملك صلاحياته من خلالها الا ان قوى الشد العكسي وأصحاب الاجندات يحبطون كل محاولة جادة من أجل الاصلاح السياسي او الاقتصادي أومكافحة الفساد مما أدى بالحكومة وبالقيادة ان تلجأ لتشكيل اللجان سواء من أجل الحوار السياسي أو الاقتصادي او مراجعة الدستور أو تفعيل هيئة مكافحة الفساد ....الخ من اللجان والاجراءات. 

وعودة الى موضوع قوى الشد العكسي والذي يعتقد بعض أفرادها أنهم غير مكشوفين لأنهم يعملوا من خلال مواقع رسمية يتمترسون بها من خلال وجودهم إما في الديوان الملكي العامر وإما في قيادة السلطة التشريعية وعضويتها وإما في السلطة القضائية التي أضحت فريسة سهلة بيد السلطة التنفيذية خاصة عندما تكون قوى الشد العكسي متغلغلة في الحكومة من خلال وزير متنفذ كوزير العدل الأسبق . وباعتقادي ان دولة السيد طاهر المصري هو احد اقطاب المعادلة بين قوى الشد العكسي والحكومة وذلك من خلال عمله الطويل في السلك الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي ومن خلال اجندة خاصة به ومن خلال علاقات عديدة له مع مختلف الاطراف السياسية الاردنية و مع اطياف عربية شقيقة ، والماضي والحاضر السياسي للسيد المصري جعلاه قاسم مشترك أعظم في اللجان التي تشكلت هذه الايام كلجنة مراجعة الدستور التي استغرب الجميع مشاركته بها رغم ان أية تعديلات دستورية لا بد وان تصدر عن مجلس الامة الاردني الذي هو رئيسه و كذلك لجنة الحوار السياسي التي تبحث اصدار القوانين الناظمة للحريات كقانون الانتخاب او الاحزاب وكلاهما لا بد من صدوره من مجلس الامة ايضاً ، ولم يكتفي السيد المصري بعضويته باللجان بل شارك في اختيار أعضاء تلك اللجان حيث اتضح ذلك منذ اعلن أنه سأل رئيس هيئة مكافحة الفساد عن رأيه بأسماء بعض الاعضاء  التي دخلت في اللجان الا ان رئيس هيئة مكافحة الفساد نفى علمه بما صرح به السيد المصري .

 و بهذه المناسبة اننا لسنا بحاجة الى لجان لمراجعة الدستور او للحوار السياسي او الاقتصادي بمثل تركيبة أعضاء هذه اللجان ، و الدستور الاردني بحاجة الى مراجعة من قبل اختصاصيين بالقانون الدستوري اكثر من حاجته الى اسماء والى اصحاب مواقع رسمية بالماضي او بالحاضر لا يجوز لهم ان يكونوا اعضاء بتلك اللجان طالما هم أعضاء بمجلس الأمة ، وكذلك الأمر فإن لجنة الحوار الاقتصادي التي ضمت مدراء البنوك وغرفة تجارة وصناعة عمان وبعض اصحاب الشركات في عمان الغربية و اللذين كان احدهم متهرب من دفع الضرائب بالملايين استعيدت منه بواسطة هيئة مكافحة الفساد .

 أما السيد باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي الاسبق والذي غادر مركزه نتيجة ضغط شعبي مدعوم بضغط نيابي استطاع ان يعمل على ايصال فريقه الذي كان يعمل معه لتنفيذ أجندته الخاصة بمحورها الاقتصادي وتشعبها السياسي وبعد ثورة المعلوماتية والانترنت يستطيع اي انسان أن يقرأ عن الديجتاليين في الاردن ( شلة باسم ) وعن مواقعهم الرسمية المتقدمة في هذه الايام والتي اصبحت قادرة على تصنيف الاردنيين بين منتمي او صاحب اجندة او معادي للنظام واصبحت بصماتها ظاهرة في معظم القرارات الهامة في بلادنا مشيراً بهذه المناسبة ان السيد باسم عوض الله كان وجبة دسمة امام لجنة التحقيق النيابية بموضوع برنامج التحول الاقتصادي مثلما كان يقف خلف قضايا فساد اقتصادي كبرى منذ قلب مفهوم الخصخصه وخروجها عن مقررات مجلس الوزراء سنة 1995 الذي استثنى خصخصة البوتاس والفوسفات من الخصخصه فانقض الديجيتاليين على مقررات الحكومه تلك مستغلين ضعف الحكومات تارة و مساهمة بعض رؤسائها في الاستفاده منها على حساب الأردني تارة أخرى . و هذا الضعف الحكومي لا يجوز أن يعطي أية حكومة مبررا للتنصل من مسؤولياتها في إدارة شؤون الدولة التي تحملها المسؤولية الدستورية حتى لو استجابت الحكومة للرغبة الملكية التي تترتب عليها المسؤولية سنداً للمادة (49) من الدستور تلك المادة التي وضعت مفترضة أن رئيس الحكومة هو وحده المسؤول و الذي يخضع للمسائلة و الذي لا يجوز له الإحتماء خلف الرغبة الملكية أو التنصل من أي عمل مخالف للقانون تقوم به أي جهة رسمية في الدولة كأن تتذرع الحكومة بعدم علاقتها في تزوير الإنتخابات البلدية أو النيابية بحجة أن المخابرات أو غيرها هي التي قامت بالعملية مذكراً حكوماتنا أن الدستور و القانون لم يمنح أية صلاحية بتلك الأمور لغير الحكومة ابتداءً من إشراك القوات المسلحة بعملية الإنتخاب تلك القوات المرتبطة بوزير الدفاع ( رئيس الحكومة ) أكثر من إرتباطها برئيس هيئة الأركان . و انتهاءً بمسؤوليتهم عن إدارة كل شؤون الدولة و مسائلتهم من مجلس النواب عن أي إجراء أو عمل محالف للدستور و القانون .


و خلاصة القول فإن مراجعة الدستور بحاجة إلى فقهاء دستوريين يستطيعوا أن يوفقوا على سبيل المثال بين المادة الدستورية التي تنص على أن الأردنيين متساوين بالحقوق و الواجبات و بين نظام  الكوتات في الإنتخابات ذاك النظام الذي انقرض في كل دول العالم إلا في دولتنا مثلما هي بحاجة إلى فقهاء دستوريين ليعيدوا التوازن بين السلطات الثلاث في الدولة  من أجل أن يتحقق مبدأ فصل السلطات الذي اعتمد عليه الدستور الأردني .

و مراجعة لجنة الحوار السياسي أيضاً بحاجة إلى سياسيين محترفين لديهم الفهم القانوني الممزوج بالخبرة و بالسوابق القضائية و الدستورية و القانونية و بالخبرة بقوانين الأحزاب العقائدية أو البرامجية أو حتى الشللية مذكراً الجميع بأن الديجتاليين الأردنيين لم يعملوا في حقل الخراب الإقتصادي وحده بل عملوا على الإنحراف بغايات التجمعات الشبابية التي انطلقت تحت اسم شباب كلنا الأردن محاولين تأطيرها بنظام حزبي يحتووه مستقبلاً .

مذكراً النشامى الأردنيين من عقربا بالشمال إلى العقبة بالجنوب بقول شاعرنا الأردني في الثلا ثينيات من القرن الماضي 

لا يغرنك هتاف القوم بالوطن

  فالقوم بالسر غير القوم بالعلن

حمى الله الأردن و الأردنيين و إن غداً لناظره قريب