تصريح أمين عمان كشف عن الخلل في إدارة الاستثمار

اخبار البلد-

 

م. وائل سامي السماعين

 
 
 
 

 

قبل بضعة أيام طالعتنا الصحف المحلية بتصريح لمعالي آمين عمان عقل بلتاجي حول تلقي الأمانة لعروض من شركات عالمية لبناء وصلات إستراتيجية من خلال أنفاق وجسور في العاصمة يكون المرور عليها مدفوع الأجر وقد صرح الأمين ان شركات عالمية أبدت إهتماما للإستثمار في هذا المجال مفسراً إلى أن هذه الطريقة متبعة لتطوير البنية التحتية بالشراكة مع القطاع الخاص في العديد من الدول وقبل إعطاء فكرة للقراء الكرام عن طبيعة هذه الشراكة التي أشار إليها معالي الأمين لا بد أن أشير إلى تقديرنا واحترامنا لمعاليه لإخلاصه في عمله وحبه لمدينته عمان والأردن فكما سمعنا كانت مساهمته مهمة في ان يكون مكان مغطس السيد المسيح أردنيا.


يوجد هناك نوعان من الشراكة ما بين القطاع العام والخاص وهناك فرق واضح بينهما فما يطلق عليه الخصخصة (Privatization) تتم من خلاله بيع ممتلكات ملكيتها تابعة للدولة إلى القطاع الخاص أي انتقال الهيمنة والسيطرة إلى القطاع الخاص وهناك أيضاً ما يطلق عليه خصخصة جزئية مثل شراء خدمات القطاع الخاص مثل استئجار خدمات شركات متخصصة لإدارة النفايات الصلبة وذلك للإستفادة من المنافسة في السوق لخدمة المواطن. وأما الشكل الآخر للشراكة مع الخاص فهي ما تحدث عنه أمين العاصمة وهي من خلال عقود تسمى (PPP) او P3 اختصار (Public Private Partnership) وفي هذه الحالة تكون هناك شراكة تعاقدية ما بين القطاع العام والخاص من خلال عقود PPP او P3 وفي هذه الحالة تبقى الملكية للدولة أي القطاع العام ويكون العبء على القطاع الخاص في توفير التمويل اللازم والتصميم والبناء وادارة المنشأة وكذلك أعمال الصيانة للمحافظة عليها وهذه العقود مختصة في الخدمات التحتية مثل بناء الطرق والجسور والمستشفيات ودور المحاكم والمياه.....ويستفيد القطاع العام من توفير بنية تحتية بالمليارات يقوم ببنائها وتشغيلها القطاع الخاص واما القطاع الخاص فيضمن استثمارات ودخلا طويل الامد , فمقارنة ذلك بالطرق التقليدية في طرح العقود كانت الأعباء تقع على الحكومات في توفير المخصصات المالية اللازمة ومن ثم طرح المشروع في عطاءات وتقوم الحكومات بتحمل التشغيل ومسؤولية الصيانة وفي حال عدم توفر الاموال او الخبرات فلن يكون هناك مشاريع خدمات تحتية.


بدأت الشراكة ما بين القطاع العام والخاص على أساس عقود PPP في المملكة المتحدة في عام 1992 وكانت تسمى (PFI) Private Finance Initiative ) ثم تطورت إلى (PFI 2) بعد إكتساب الخبرات اللازمة ووصل عدد المشاريع إلى 712 مشروعا بنهاية عام 2011 وبمبلغ إجمالي قدره 54.3 مليار جنيه حيث غطت هذه المشاريع بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمحاكم والأنفاق....الخ. ومن ثم تلتها كندا واصبحت world leader ففي مقاطعة اونتاريو Ontario في عام 2001 بدأت الحكومة المحلية بأعتماد عقود المشاريع (PPP) للأ ستفادة من إمكانيات القطاع الخاص المالية والفنية وتم بناء شبكة تحتية من الخدمات من مستشفيات وطرق وجسور...الخ باموال القطاع الخاص والتي تقدر بالمليارات ولأنه في كلتا الحالتين الخصخصة(Privatization) أو مشاريع البنية التحتية التي تعتمد على عقود (PPP) ,الشفافية تعتبر غاية في الأهمية أنشأت مقاطعة اونتاريو الكندية هيئة حكومية مستقلة لديها حوالي 450 موظفاً من مختلف التخصصات المالية والهندسية وعلى رأسها مجلس إدارة مستقل مكون من 12 شخصية التي توافق على المشاريع من عدمه فالحكومات لمقاطعة اونتاريو تأتي وتذهب ولكن تبقى هذه المؤسسة تعمل بشفافية وبدون تدخل الحكومات المتعاقبة وتقوم جهات محايدة Third Partyبتدقيق اعمالها وتنشر النتائج على الموقع الألكتروني للهيئة.


نحن في الأردن بدأنا في الخصصة Privatization ) منذ عام 2001 وصاحبت تلك العملية شوائب كثيرة ومن أهمها عدم الشفافية حيث بيعت ممتلكات حكومية كان من المفترض ان لا تباع مما أدى إلى زعزعة الثقة إما لأنها كانت مصدر ربح للدولة أو لأنها بيعت بأسعار بخسة أو بيعت لشركات ليست لديها خبرات كافية ولم تطور شيئاً اضف الى ان العملية كان يديرها شخص او اكثر اي انها لم تتحول الى طابع مؤسسي يرضى عنه المواطن ولا شك ان الاخطاء او الدروس المستفادة تذهب مع ذهاب هؤلاء الاشخاص ولا يستفاد من تلك الدروس Lessons Learned. في عام 2014 صدر قانون رقم 31 المتعلق في الشراكة مع القطاع الخاص الخاصة بعقود PPP وأسس مجلس اقتصادي يرأسه رئيس الوزراء وبعضوية وزير المالية ووزير الصناعة والتجارة والتخطيط ومحافظ البنك المركزي ومدير ووزير يعينهما رئيس الوزراء ومهام هذا المجلس وضع الخطط والأستراتيجيات والتنسيق لمشاريع PPP والخلل الذي اشرت اليه في عنوان المقال أنه لا يوجد مؤسسة مستقلة على غرار ما يوجد في الدول الغربية تعني بهذا القطاع الاستثماري من اجل ان نبني ويكون لدينا مؤسسات قوية تشكل العامود الفقري للدولة الأردنية لديها خبراؤها وتنتقل الخبرات من جيل إلى جيل وتعمل بشكل مؤسسي و اما للحكومات و الأشخاص فهم يذهبون وتبقى الدولة الاردنية شامخة بمؤسساتها , ولهذا ارى ان يتم العمل على انشاء مؤسسة حكومية مستقلة تسمى Infrastructure Jordan على غرار www.infrastrucutreontario.ca الكندية حتى نكّون بيت خبرة اردني في هذا المجال ونعمل بشفافية تامة لما فيه مصلحة الاردن.