المديونية والمال السائب!

مع تجاوز مديونيتنا رقم الخمسة وثلاثين مليار دولار، نتذكّر أنّ المال السائب لا يُعلّم السرقة فحسب، بل يُكرّس التبذير، وعلى الدارسين الاقتصاديين أن يبحثوا ليفيدونا كم من الأموال التي اقترضناها ذهبت عبثاً، على شكل سفرات ومياومات ومصروفات وغيرها، ولم يكن لها أيّ داع.
رحم الله الشريف عبد الحميد شرف الذي استشرف هذه النتيجة قبل أربعين سنة، حين دعا إلى ترشيد الإنفاق والاستهلاك، ولعلّه يتململ في قبره الآن، وهو يرى نتيجة السفه في التصرفات الحكومية، تلك التي قد تودي بالبلاد إلى نتائج كارثية.
ولا نعتقد أنّ الحكومة اجتمعت في يوم بكامل أعضائها، فلا بدّ أن يكون هناك وزراء مسافرون، ولا يمكن أن نعتقد أنّ هناك وزارة أو دائرة حكومية حظيت في يوم ما بوجود كلّ كبار موظفيها على رأس عملهم، ولا بدّ أن يكون هناك مسافرون، ولا ننسى قصّة وزيرة حجزت تذكرتها لحضور مؤتمر في بلد ما، مروراً بعدة بلدان، ذهاباً وعودة!
والغريب أنّ الحكومات لا تكلّ ولا تملّ من إلقاء الدروس على الشعب من أجل الترشيد، ونتذكّر في يوم أنّ رئيس حكومة جمع وزراءه في باص ذهاباً إلى جرش، لتقديم المثل للشعب لاستخدام وسائل النقل العام، ولكنّنا اكتشفنا أنّ هناك اثنتين وعشرين سيارة بنمر حمراء كانت ترافق الباص للعودة بالرئيس ووزرائه إلى عمّان، وللحديث بقية!