تنهض مدينة الحسين الطبية بعبء كبير، في تقديم الخدمات الصحية للعسكريين وعائلاتهم ، بالإضافة الى غير المؤمنين صحيا، الذين يحصلون على إعفاءات، من الديوان الملكي أو رئاسة الوزراء، أو وزارة الصحة ، بانتظار إنجاز مشروع التأمين الصحي الشامل الذي يجري الحديث عنه منذ سنوات ، ويفترض أن يعفي المرضى غير المؤمنين ، من معاناة إجراءات الحصول على إعفاء طبي، أو البحث عن وساطات لتسهيل أو تسريع الحصول على الإعفاء. بينها تدخل العديد من النواب، التي أصبحوا يسجلون الحصول على إعفاءات طبية لبعض المرضى المحتاجين ، ضمن إنجازاتهم والخدمات التي يقدمونها للناخبين.
عندما تدخل حرم المدينة الطبية ، تشعر أنك داخل مدينة بمعنى الكلمة، حيث تضم العديد من المستشفيات المتخصصة، بالإضافة الى مباني العيادات الخارجية ومختلف الاقسام الطبية والإدارية، وتزدحم ساحاتها ومرافقها الصحية كافة يوميا، بآلاف الأشخاص من عاملين ومرضى ومرافقين وزوار من مختلف الأعمار.
وتشكل عملية التنقل داخل الموقع معاناة هائلة بالنسبة لهؤلاء ، حيث لا يوجد مواقف كافية للسيارات ، وهذا أمر طبيعي بعد أن ضاقت عمان بشوارعها وساحاتها وأزقتها بكتل الحديد المتحركة، حث وصل عدد المركبات في العاصمة الى نحو مليون مركبة ،من أصل مليون ونصف المليون في المملكة ، وأصبح العثور على موقف لسيارة وسط هذا الاكتظاظ ، أشبه بالفوز بورقة يانصيب.
قبل بضعة أشهر أعلنت أمانة عمان عن خطة، بالتعاون مع إدارة الخدمات الطبية وإدارة السير، لمعالجة الأزمة المرورية لمداخل المدينة ، بما يضمن انسيابية السير في الموقع ، تشمل فتح وتوسعة وصيانة بعض الشوارع والساحات ،وزراعة أشجار وشجيرات داخل حرم المدينة، بهدف تسريع عمليات الدخول والخروج للعسكريين العاملين والمراجعين والزوار، ولا أعلم حتى الآن ،ماذا نفذ من هذه الخطة ؟ وقبل أسبوعين ذهبت لزيارة أحد المرضى ، ولم ألحظ أي تغيير جوهري في المواقع المروري ،باستثناء الإكثار من المخالفات المرورية ، التي «تزين» الزجاج الامامي تحت مساحات المركبات المخالفة.
والواقع أن كثيرين من سائقي المركبات ، التي تسير في الشوارع ،أو تقف في أماكن تعيق حركة السير يستحقون المخالفات، وهي عملية لم تغب عن اهتمام إدارة السير ، التي بدأت مؤخرا بحملة مرورية ، بحق المركبات ذات الاصطفاف المزدوج، أو التي تعيق الحركة المرورية، وهي حملة رغم أنها قوبلت بانتقادات، من قبل البعض ،وهناك من اعتبرها عملية جباية ، تخضع أحيانا لأمزجة بعض مراقبي السير، لكنني أعتقد أن نسبة كبيرة ممن يقودون المركبات في الشوارع، يستحقون المخالفة وأكثر ، حيث يتصرفون بنقيض القاعدة التي تقول «السواقة فن، ذوق ،أخلاق «، سواء بالتزاحم في الشوارع أو السرعة الجنونية ،والقيام بحركات استفزازية ، أو الاصطفاف المزدوج الذي يعيق حركة السير، أو الضغط بعصبية على بوق « زامور» المركبة على الاشارات الضوئية ،فضلا عن انشغال البعض بإجراء المكالمات الهاتفية بالموبايل ،أو إرسال الرسائل النصية ، دون أن ننسى التذكير بمسؤولية تخلف نظام النقل العام ، في تفاقم أزمة المرور التي تشهدها عمان والمدن الكبيرة الأخرى.
وعودة الى أزمة المواقف داخل المدينة الطبية، ويبدو لي بأنه على أهمية الخطة المرورية ،التي أعلنت عنها أمانة عمان، فإنها لن تشكل حلا جذريا ، وأقترح للمساهمة بحل الأزمة وتخفيف معاناة المرضى والمراجعين والزوار، أن تقوم إدارة المدينة الطبية بتسيير باصات ذات تردد سريع ، تقوم بنقل المرضى ومرافقيهم والمراجعين والزوار والعاملين ، من وإلى المداخل الرئاسية والمواقف البعيدة المخصصة للسيارات ، والمستشفيات والعيادات ومرافق المدينة المختلفة.